يوسف المحيميد
اليوم يقاس تأثير الثقافات والأمم بما تمتلكه من إرث أدبي وفني، فلا يمكن أن نذكر بريطانيا دون أن يتبادر إلى أذهاننا شكسبير وجويس، ولا يمكن أن نذكر فرنسا دون أن تبرز أسماء فولتير وسارتر وهوغو، ولا نذكر النمسا دون أن يضيء اسم غوستاف كليمت، وهولندا فان جوخ، وإيطاليا دانتي ومايكل أنجلو، وغيرهم ممن تركوا بصماتهم على الأدب والفن العالميين.
وفي العالم العربي، وإن تأخر كثيرًا في العصر الحديث عن حراك العالم في الفن والأدب، إلا أن هناك العديد من الأسماء الرائدة التي احتلت مكانة مهمة، وقد لفت نظري اهتمام إمارة الشارقة في هذه المجالات، سواء مؤسسة بارجيل للفنون، أو متحف الشارقة للفنون الذي نظم معرض مسيرة قرن، احتوى على أبرز أعمال الفنانين التشكيليين الرواد في العالم العربي، من العراقيين جواد سليم، وضياء العزاوي، وسعدي الكعبي، إلى السوريين فاتح المدرس، ومروان قصاب باشي، ونذير نبعة، والمصريين محمود سعيد، وحامد عويس، وأنجي أفلاطون، وتحية حليم، والكويتية منيرة القاضي، والإماراتي عبدالقادر الريس، وغيرهم كثير من معظم دول العالم العربي من المحيط إلى الخليج.
وحين لا نجد أعمال الرواد السعوديين، مثل محمد السليم وعيدالجبار اليحيا وعبدالحليم رضوي وصفية بن زقر، وغيرهم تكبر الأسئلة في داخلنا، لماذا لا يوجد حضور لهؤلاء، هل هم لا يستحقون أن تتواجد أعمالهم بجوار هؤلاء الرواد، أم لعدم التسويق الجيد لهم، أم أنهم ذهبوا إلى النسيان بعد رحيلهم، ولا نرى أعمالهم إلا من خلال صور باهتة تنشر هنا وهناك؟
فعلى سبيل المثال، منذ أن رحل السليم واليحيا والرضوي، طوى النسيان أسماءهم إلا عند توثيق تاريخ الحركة التشكيلية السعودية، فمعظم أعمالهم محفوظة في مخازن مهجورة، إما لدى الورثة، أو تم بيعها كلها على مقتنٍ احتفظ بها بعيدًا عن الأعين، مما جعلها تغيب عن المشهد التشكيلي العربي، وهذا في غير صالح الحركة التشكيلية السعودية وتاريخها، لأنه لا ينصفها، ولا يضعها في المشهد أسوة بأعمال الفنانين التشكيليين العرب.
أعتقد أن على رجال الأعمال المهتمين، والمقتنين، والمؤسسات ذات العلاقة، مثل مسك آرت، أن تعيد أعمال رواد الفن التشكيلي السعودي إلى المشهد التشكيلي السعودي أولا، ومن ثم العربي والعالمي، خاصة أن تلك الأعمال تضاهي أعمال الرواد من دول العالم العربي المختلفة.