رقية سليمان الهويريني
كانت إيران قبل حكم (الآيات) المشبوه من أعظم إمبراطوريات العالم القديم، وقد حافظت طيلة سنوات سابقة على هوية حضارية مميزة ضمن العالم الإسلامي. إلا أنها بعد الثورة المنحرفة جعلت للمرشد الأعلى أقوى نفوذ سياسي في إيران، حيث تشمل صلاحياته تعيين رؤساء الجهاز القضائي والجيش ووسائل الإعلام الرئيسية، فضلاً عن موافقته على تولي رئيس الجمهورية المنتخب مهام عمله.
وفيما يدعي الرئيس روحاني أنه يريد قيادة إيران نحو «الاعتدال» أثناء وعوده الانتخابية الرئيسية، وأنه سيسعى لتخفيف العقوبات الدولية الشديدة التي فرضت على البلاد لإجبارها على التخلي عن برنامجها النووي؛ إلا أنه فشل في تنفيذ وعوده، وجند بسلطته الإعلام المُسَيَّس لتكون إيران مسرحاً للصراعات السياسية المعتملة في البلاد من أجل السلطة والنفوذ الذي تعدى جغرافيتها وتحول لأطماعٍ لا تقف عند حدود، حيث عبثت في العراق وتجاوزتها إلى سوريا وها هي تحاول تدمير اليمن، وهو توسع مرفوض وتدخل سافر في شؤون البلاد وسيادتها من خلال دعم المليشيات الإرهابية والطائفية، ولو صرفت أموالها الطائلة على تحسين البنية التحتية ورفاهية شعبها المغلوب على أمره بدلاً من تبديده، وعجزها عن تلبية الحد الأدنى لمتطلباتهم لدرجة تفاقم البطالة والفقر؛ لكانت من أعظم البلاد وأرفعها وأكثرها نمواً وتطوراً وحضارة لاسيما أنها تملك المقومات التاريخية والجغرافية اللازمة لذلك؛ ولكن التوسعات المشبوهة تجعل من الأوضاع الأمنية الداخلية غير المستقرة بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي.
وبرغم الجهود الإصلاحية التي يقوم بها المتنورون من المثقفين والمصلحين في إيران إلا أن السلطات دأبت على إغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية المؤيدة للتيار الإصلاحي، وعمدت لسجن العديد من كُتابها ورؤساء تحريرها لدرجة أن وصف الناشطون في مجال حرية الإعلام إيرانَ بأنها «من أكبر خمسة سجون في العالم» للصحفيين، حيث تسيطر الدولة على وسائل الإعلام التي تبث داخل إيران، وتعكس فكر النظام ووحشيته!
وإن استمر النظام السادي برعونته وعدائيته للمنطقة والعالم؛ فإن الشعب الإيراني سيلحقه الأذى أكثر مما لحقه، ولا محالة حينئذ من قيام انتفاضة وثورة جياع لا تنطفئ نارها إلا بالتخلص من هذا النظام الفاشي المستبد!