د. محمد بن إبراهيم الملحم
جاءت الإجازة الطويلة لتمثل لوزارة التعليم فرصة ذهبية لإجراء صيانة شاملة «ذهبية» لكل المدارس المحتاجة وبالتالي نتوقع أن يدخل أبناؤنا وبناتنا الطلاب والطالبات المدارس مع بداية العام الجديد 1439 وقد أصبحت جاهزة بكل متطلبات المبنى والتأثيث والتجهيز فلا يوجد دينمو ماء لا تعمل وبالتالي لا يوجد ماء بالمدرسة أول أسبوع! ولا يوجد عطل أو ضعف في مكيفات الهواء لبعض الفصول مما يجعل الجو لا يطاق في تلك الفصول ولا يوجد تجمعات لأثاث تالف في ساحة المدرسة أو أي مخلفات فذلك كله تم التخلص منه خلال الإجازة... هذه توقعاتنا والتحدي كبير بلا شك على كل إدارات الوزارة المختصة وإدارات التعليم في المناطق المختلفة ولكن تظل الصيانة والتحسين مطلبا لكل من يرصد التعليم، وينبغي مواجهة هذا التحدي سنة بعد سنة بتطوير آليات العمل وأساليبه، ودعوني ألقي بعض الضوء على جانب مهم هنا وهو الصيانة التعاقدية.
عقود الصيانة هي أفضل حل لمشكلة تردي الصيانة بالمدارس ولكنها حظيت بعدة نقاط ضعف كل منها تكاد تقضي عليها: فهناك أولا طريقة التعاقد بالمنافسة العامة، حيث تبنى على قائمة مقاولين مصنفين يدخل فيها من لا يملكون القدرة الحقيقية على مواجهة واقع صيانة المدارس، وثانيا بنود التعاقد التي يجب أن تؤسس بطريقة مرنة تستجيب لعاجلية طلبات الصيانة المدرسية، وثالثا تصرفات وزارة العمل غير المنطقية بعدم منح هؤلاء المقاولين كامل العدد المطلوب للقيام بالعمل حسب تأييد وزارة التعليم الجهة المستفيدة، ورابعا عدم إلمام بعض المقاولين (المصنفين) بما يتطلبه العمل مع المدارس وخصوصية هذا النوع من العمل يتطلب أن تقدم لهم دورات تدريبية أو تأهيلية للإلمام بمتطلبات هذا النوع من العمل سواء إداريا أو تنظيميا أو ثقافيا، ويمكن أن تقدم الدورات التدريبية قبل التقديم لكي يفهم هؤلاء طبيعة ما هم مقبلون عليه فيقيمون الموقف جيدا كما تقدم لهم أيضا بعد منح العقد كي يطلعوا على تفاصيل أكثر دقة توضح الطبيعة الخاصة للمدرسة وأسلوب العمل بها ومتطلبات تنفيذ الصيانة بفعالية وكفاءة، وأخيرا وهو الأهم: ينبغي تدريب موظفي وفريق الصيانة الذاتية بإدارات التعليم ومديري المدارس لكي يفهموا شروط هذه العقود وبنودها، ويتعرفوا على الحقوق والواجبات ومسئوليات كل طرف ويستطيعوا بالتالي متابعة العمل والاستلام من المقاول بما يحقق الكفاءة والجودة ، وبدون ذلك فإن العلاقة بين المقاول وممثلي الوزارة أيا كانت مستوياتهم ستظل نهبا للاجتهادات الشخصية والتي غالبا ما تؤول إلى أن المقاول يقبض مستحقاته الشهرية وليس بيد من يصرفوا له ذلك ما يطمئن أنه قام فعلا بكل ما يجب عليه.
ماذكرته من أسس نوعية لتحسن العمل يحتاج عقولا مفكرة وطاقات متميزة، ولكن دعونا نتأمل مشكلة عجيبة ربما تكشف جانبا من تأخر الصيانة وتطوير المباني لدينا: مهندسو الحكومة بدون كادر وظيفي، فهم على كادر الموظفين الإداريين العادي! الأمر الذي انعكس سلبا على اجتذاب المتميزين أولا ثم على النمو المهني لمن يلتحقون بوظيفة مهندس في الحكومة وتحسن أدائهم، كلنا نعلم أن كلا من الطبيب والقاضي والعسكري والفني والمعلم في كادر مخصص يتميز عن كادر الموظف الإداري العادي، تخيلوا معي أيها الإخوة لو كان هؤلاء على الكادر الإداري العادي كحال المهندسين، كيف كان الوضع سيكون! يا وزارة الخدمة المدنية استيقظوا وأنقذوا مهندسينا واجذبوا المتميزين منهم لدوائرنا الحكومية.