د. أحمد الفراج
بعد أن يفوز المرشح برئاسة أمريكا، فإنه يحق له الترشح لفترة ثانية، بعد أن ينهي فترته الرئاسية الأولى، ما يعني أن الحد الأقصى لخدمة الرئيس هي ثماني سنوات، ولم يكن الأمر كذلك، عند كتابة الدستور الأمريكي، فالرئيس كان يحق له الترشح لعدد غير محدود من الفترات، ولكن العرف، الذي أصبح تقليدًا، منذ انتخاب الرئيس الأول، جورج واشنطن، أو الملك جورج، كما يسميه بعض الأمريكيين، كان أن يكتفي الرئيس بفترتين، ثم يتيح المجال لغيره، على اعتبار أن ثماني سنوات، تعد كافية، ليقدم المرشح كل ما لديه، وعدا عن حالات قليلة، حاول فيها بعض الرؤساء الترشح لفترة ثالثة وفشلوا، فقد استمر هذا التقليد لمدة قرن ونصف تقريبًا، حتى انتخب الرئيس، فرانكلين روزفلت، في عام 1932، ثم أعيد انتخابه في عام 1936، وبدلاً من أن يواصل العرف التقليدي، ويتوقف عن الترشح، أصر على ترشيح نفسه مرة ثالثة!
استغل الرئيس روزفلت شعبيته الجارفة، بعد أن قام بأعمال جبارة، زمن الكساد الاقتصادي الكبير، الذي ضرب أمريكا في ثلاثينيات القرن الماضي، فقرر الترشح لفترة ثالثة، وبالفعل، ترشح لانتخابات الرئاسة، في عام 1940، وهو أمر يتيحه له الدستور، وقد فاز في تلك الانتخابات، وللتاريخ، فإن كل المؤرخين، وكل الاستفتاءات الشعبية، تصنف هذا الرئيس، كأحد أعظم ثلاثة رؤساء عبر التاريخ الأمريكي، والرئيسان الآخران هما، الرئيس الأول، والأب الروحي للولايات المتحدة الأمريكية، جورج واشنطن، والآخر، هو الرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، الذي قاد حربًا ضد الرق، وانتصر فيها، ووحّد أمريكا، بعد أن كادت أن تتمزق، وتتحول إلى دولتين منفصلتين، واحدة في الشمال، وثانية في عمق الجنوب الزراعي الأمريكي.
اعتقد معظم الشعب الأمريكي، أن الرئيس روزفلت، سيكفي بالرئاسة لمدة 12 عامًا، ولكنه قرر، وسط ذهول البعض، وترحيب البعض الآخر، أن يترشح لفترة رئاسية رابعة، في انتخابات عام 1944، وقد ساعده على ذلك، أنه أعلن دخول الولايات المتحدة رسميًا في معترك الحرب العالمية الثانية، وذلك في عام 1941، بعد ضرب اليابان لميناء بيرل هاربر، ومن المسلم به أن الشعب، يصطف وراء رأس الدولة في زمن الحرب، مهما كانت المعطيات والظروف، إذ إن رأس الدولة هو الرمز، وغالبًا هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وقد فاز روزفلت للمرة الرابعة، ولكنه لم يهنأ بهذا الفوز، ولم يشهد انتصار الحلفاء في الحرب، إذ كان أحد الأركان الأساسية للحرب الكونية، بجانب رفيق دربه، السياسي البريطاني، ونستون تشرشل، فقد توفي روزفلت بعد عدة أشهر من بدء فترته الرئاسية الرابعة، والخلاصة هي أن فرانكلين روزفلت هو الرئيس الوحيد، الذي فاز بالرئاسة أربع مرات، وحكم أمريكا نحو 13 عامًا، وكان لذلك تبعات كبرى، سنتحدث عنها في مقال مستقل!.