ناصر الصِرامي
أزمة البعض مع مسلسل العاصوف، لم ولن تتوقف على إنكار بعض التفاصيل، أو حتى الجدل حولها، الأزمة الفعلية هي في عدم قدرة البعض على استيعاب طبيعة الأعمال الفنية الدرامية، الفن بالمجمل يختلف تماماً عن الخطابة والوعظ والإرشاد، ومسلسل مثل العاصوف وطبيعته الدرامية، ليس بالتأكيد برنامج للعلاقات العامة أو تحسين السمعة.
يلتقط العمل الدرامي -خصوصاً حين يكون مرتبطاً بشكل وثيق ببعض سيرة الواقع-، يلتقط مشاهد استثنائية وقصصاً غير اعتيادية ليعرضها في قلب «عمل الفني». وبالمناسبة فإن الجدل حول الأعمال الفنية ليست قصة سعودية فقط، هناك أكثر من جدل رمضاني مشابه على أعمال مصرية، وهناك نقد وهجوم حاد في تونس على برنامج للكاميرا الخفيقة، وهناك غضب في المغرب نتيجة مسلسل يعتقد البعض أنه يتعمد التشويه.... إلخ.. وهو جدل طبيعي يصاحب الأعمال المختلفة والمتميزة، خصوصاً حين يكون هناك فريق مع وآخر ضد.
هذا الجدل مقياس مهم للنجاح، حتى وأن ارتفعت حدته، أو أصبح يتجه لهجوم غير عادي أو غير أخلاقي أحياناً للأسف.. وهو تفاوت يعود لثقافة البعض، والفهم المرتبك أيضاً لدى البعض الآخر للعمل الفني مهما يكن نوعه.
مسلسل مثل العاصوف.. عصف بذاكرة البعض مع مشاهد لم يكونوا يتوقعوا ظهورها على السطح.. فيما عصف بآخرين لأن خيالهم عاجز عن توقع مثل تلك المشاهد في حقبة ماضية، نتيجة لذاك الخطاب الاحادي الذي ظل ولا يزال يحاول رسم صورة مبالغ في مثاليتها للمجتمع، متجاهلاً أن لكل مجتمع صور خاصة ومتفاوتة ومتناقضة أيضاً.
الاحتقان المتشدد الذي نسمعه من البعض في مواجهة العاصوف، هو هجوم متعمد ضد الفن أصلاً، وضد المشاركين فيه، مخلوط بمشاعر غير إيجابية ضد القناة المقدمة للعمل (ام بي سي).
لكن لا يزال عصف العاصوف في أوله، الأجزاء التالية ستكون ملفتة وجدلية ومثيرة في كشفها والتقاطاتها ونبشها لمشاهد استثنائية من الماضي، لكنها في نفس الوقت حقيقية.. حتى وأن أربكت أو أزعجت البعض.. أتمنى لكم متابعة ممتعة.