عبدالوهاب الفايز
مجلس الوزراء، في جلسته قبل الأخيرة، وافق على قواعد ممارسة ومهمات وظائف الوكلاء والوكلاء المساعدين، ومن بين ما استهدفه معالجة التباين في الرواتب والمميزات المالية، وكانت هذه وقفة مهمة لمعالجة الخلل الذي نشأ مؤخرًا بسبب التفاوت في المزايا. هذه الخطوة ربما تحتاج وقفة ضرورية من المجلس لمعالجة (التباين في المزايا المالية في القطاع العام). الذي أعرفه أن هناك لجنة مشكلة لدراسة هذا الموضوع، ولا نعرف ماذا انتهت إليه.
معالجة هذا الموضوع ضروري حتى لا تتأثر قدرة القطاع العام على التصدي للتحديات التي تواجهنا، وهذه الحاجة تتطلب معالجة أمور استجدت في السنوات الماضية مع التوسع في إنشاء هيئات ومجالس ومراكز حكومية جديدة، سواء كانت تشريعية أو تنفيذية، وهذه قد تحتاج بيئة عمل جديدة مدعومة بما تحتاجه من إمكانات وسلم رواتب ومميزات وحوافز تمكنها من القيام بمهامها وأعبائها الوطنية.
لكن هذا لا يعني التغافل أو عدم الاهتمام بما يتركه ذلك الوضع الجديد من الإحساس بعدم المساواة التي قد يراها بقية موظفي القطاع العام جراء هذا الوضع المختلف. لقد قامت بعض الهيئات والقطاعات الحكومية مدعومة بمميزات مالية وإدارية محفزة، وبعض الهيئات لم تحصل على وضع مماثل، رغم تقارب المهام. طبعاً هذا ربما يؤثر على أهمية دور (المستويات الوسطى) في الأجهزة والمؤسسات الحكومية، فهذه التشريحية هي الأهم في أداء القطاع العام، وهي منبع الصف الثاني للقيادات.
الذين يعرفون جيدًا طبيعة أداء المنظمات الحكومية عادة يطيلون الوقوف عند منطقة الوسط، فهذه هي التي تقود صناعة القرار وتوجهه، وهي التي تسيطر على تدفق المعلومة بين المستويين الأعلى والأدني في المنظمة، فتقوم بترشيح وتهذيب وتوجيه المعلومة بما تراه يخدم مصالحها، أو يخدم مصالح المنظمة التي تعمل بها. وهذه الشريحة عادة تنشأ بينها مصالح مشتركة بحكم طول المدة التي تجمعها.
في برنامج التحول الذي نعيشه، لا يمكن تجاهل أهمية شريحة الوسط، فهذه هي الشريك الأساسي لإحداث التغيير، ومن الضروري العمل على التعرف على طبيعة أدوارها وسلوكها وحوافزها حتى تكون (قوة إيجابية دافعة للتغيير)، وليس محبطة! الذين تعاملوا مع القطاع العام لسنوات طويلة، بالذات من القطاع الخاص، يَرَوْن أن العائق الأكبر في أداء القطاع العام يأتي غالبًا من منطقة الوسط، فهنا يتعب القيادي في جهازه.. ويتوه المستفيد من الخدمة.
وهذا الوضع تدعمه حال الكثير من الدول التي طورت وحدثت أنظمة الاستثمار الجاذب، ووضعت القيادات السياسية ثقلها خلف هذه الأنظمة، وبعد مضي سنوات لم يتحقق ما سعت إليه هذه التشريعات لأن العائق غالباً يأتي من منطقة الوسط التي قد ترفض، أو لا تتفاعل وتستجيب لأهمية التشريعات، هذا إذا افترضنا كفاءة مدخلات هذه التشريعات.
هذا لا يعني أن العاملين في شريحة الوسط بطبيعتهم اختاروا الممانعة أو أن لديهم نزعات التخريب، إنهم غالباً قوى عاملة، وهذه إذا أردت المخرجات الإيجابية منها فمن الضروري الاهتمام باحتياجاتها الإنسانية ومتطلباتها لتنمية مهاراتها وحوافزها للعمل والإبداع.
نتمنى أن تنجح مهمة (لجنة دراسة تباين المزايا المالية)، وتنتهي إلى ما يعزز تطوير خدمات القطاع الحكومي.