علي الخزيم
من الذي يستحق هدية النجاح؛ الطالب الناجح أم والداه، ومن يقوم على أموره طوال السنة؟! برأيي أن المستحق هو من يسهر على أطفاله وأبنائه يلبي احتياجاتهم ويجهز أدواتهم وملابسهم وكافة احتياجاتهم بما فيها المدرسية؛ سواء الأم والأب أو من يماثلهم ممن يتولى أمر الطالب صغيراً كان أو كبيراً، فهؤلاء هم من يشقون طوال العام بل وطول عمر الطفل حتى يستقيم عوده، طوال تلك الفترة العُمرية وهم يقدمون له الإغراءات من هدايا وكلام معسول من أجل أن يذاكر دروسه ويتحصَّل على نتائج مُشرِّفة ستكون قاعدته ورصيده العلمي لمستقبل حياته الوظيفية العملية، ومع كل اختبار شهري وفصلي يتطلع الطالب للهدية ويجعلها نُصب عينيه أثناء المذاكرة وكأنها غاية المنى ونهاية المطاف!
وأميل إلى أننا نرتكب أخطاءً مع الصغار والنشء بهذه الطريقة بتعويدهم على المقابل كهدية لقاء جهود المذاكرة وأداء الواجبات المدرسية، حتى إنك تسمع الأم والأخت الكبرى تقول للصغير: أنجز الواجب لأعطيك الحلوى، هنا يشعر أنه يعمل من أجلنا ولذلك نحن نقدم له الأجرة، بينما الواقع أنه يعمل لنفسه، فالأحرى تعويده على فهم هذه المضامين منذ الصغر، ليدرك أنه يبني مستقبلاً سيجده أمامه يوماً ما بتوفيق الله.
مسألة تربوية هامة يلزم إدراكها من الطالب وذويه هي أن تعامُلنا معهم بطريقة الهدية مقابل المذاكرة والنجاح قد توحي للطالب بأن المدرسة لا تقدم سوى الشقاء والمتاعب اليومية، أو كأننا نغرس في أذهانهم أن المدرسة والدراسة شيء ممل وغير مرغوب؛ لذلك نحن ندفعهم إليه بالإغراءات والتدليل والهدايا! كما أننا بهذه الأساليب نلغي من أذهان أبنائنا الطلاب جهود وقدر الآباء وولاة الأمر بالأسرة وحجم ما يبذلونه بسبيل ارتقاء الصغار وتحصيلهم العلمي، يجب أن يستشعروا هذه المهام والتضحيات من أجلهم وعدم تَعْمِيَتِها بالهدايا والإسراف بالتدليل والإسهاب بالمديح كلما أدى المطلوب منه مدرسياً.
أنا فاجأتهم بطلب إقامة حفل منزلي مصغر لي ولوالدتهم مقابل اجتهادنا وسعينا طوال العام الدراسي لتيسير أمورهم والسهر على كل احتياجاتهم، وأكدت أهمية بساطة الحفل وأن الهدف هو مكافأتنا على جهودنا لرعايتهم والاهتمام بهم وبدراستهم وإعدادهم للمدرسة والمذاكرة، وذلك بلغة تناسب عقول الصغار وتلتقي مع همم وأفكار الكبار، دون جرحهم بأي كلمة أو جملة تشعرهم بالمِنَّة، لأنّ الهدف تربوي اجتماعي لتنمية السلوك الإيجابي لدى الناشئة والفتيان، ولتشعر الأسرة بأهمية ما أرمي إليه، وكانت - بعون الله - تجربة ناجحة حققت أهدافها، وعرف الناجحون المقاصد النهائية المرادة منهم بالمستقبل في هذا الشأن مدرسياً وأسرياً.
سمعت من يتحدث بأحد المجالس متألماً من ابنه الذي يرفض التوجه للمدرسة إلَّا إذا وفروا له سيارة من طراز معين وبلون يحدده هو بنفسه وقيمتها تتجاوز المئة ألف ريال! فماذا صنعت معه أيها الرجل الطيب؟ قال: ليس هو المشكلة الآن، إنما والدته التي وقفت بِصَفِّه مؤيدة للفكرة! وأضاف: هل ترون خللاً تربوياً أكبر من هذا؟ قلت: نعم هناك أدهى وأمر.