الثقافية - فيصل خلف:
يعد نوفا فيكتوريا من أجمل المراكز التجارية في لندن، تصميمه العمراني لفت نظري إليه من بعيد.
بينما كنت أتجول فيه وقعت عيناي المُتعبتان في وقت متأخر من الليل، على مجسمات فنية، وقتها لم أكترث للوقت، تجولت في المكان لأكثر من دقائق معدودة، مستمتعًا بما أرى من إبداع فني، لم يسبق أن رأيت له مثيلاً، كان عددها 6 ومنتشرة في أماكن متفرقة، أعطت للمكان جمالاً فريدًا من نوعه، هذه الأعمال مستأجرة من قِبل ملاك المركز.
عندما وقعت عيناي عليها وقع قلبي في حُبها، تحدثت عنها بإعجاب شديد لمتابعيي في سناب شات.
قررت ألا أغادر حتى أعرف مهندس هذا الإبداع المصنوع بدقة ومن الرمل والمعدن، والمستوحى من نسج الخيال.
بعد تواصلي مع الفنان العالمي البريطاني (الباكستاني الأصل) سعد قريشي، اتفقت معه على أن يكون أول لقاء يجمعنا في لندن، ومن ثم الثاني في أكسفورد، حيث المدينة التي يعيش فيها مع أسرته الكريمة.
بعد أيام قليلة من الاتصال الذي جرى بيننا، التقينا عند نوفا فيكتوريا حيث تكون أعماله وتكون الصورة التذكارية لنا.
وقتها حدّثني عن تفاصيل هذه الأعمال وعن نفسه، قال إنها خيالية مع أن كل ما فيها يُعبر عن الواقع، ولكن يقصد بهذا أنه لم يعتمد على النقل من صورة في هذه الأعمال.
صرَّح بسعادة لي عن كونه مسلم وعائلته مسلمين، هذا ما ضاعف سعادتي عند لقائي به.
لديه الكثير ليقدمه في الفن والثقافة العالمية، وسبق أن تعامل مع محبي الفن من دول الخليج من بينهم أصحاب سلطة ونفوذ.
في ذلك اليوم دارت بيننا أحاديث جميلة، أخبرني عن زيارته للمملكة في السابق، وتحديدًا الأماكن المقدسة، في بعض أعماله تجد الإرث الإسلامي العظيم كسورة الفيل مثالاً.
بالمناسبة، عمل سورة الفيل شارك به أخي سعد قريشي، في معرض فني على مستوى عالمي، أقيم في لندن بعد لقائنا بأيام قليلة، كنت من ضمن الحضور تشجيعًا ودعمًا لسعد، كان من أجمل المعارض التي حضرتها، وكم كنت أتمنى حضور مشاركته في نيويورك التي جاءت بعد هذا المعرض بفترة قصيرة، ولكن ظروف الدراسة منعتني من ذلك.
زيارتي لأكسفورد تلك المدينة العريقة والضاربة في جذور التاريخ، تعتبر ضربة ثلاثة عصافير بحجر واحد، لقاء سعد وأسرته الكريمة في منزلهم البسيط، وزيارة معمله الفني المستأجر، والتجول في أكسفورد.
بالمناسبة، مدينة أكسفورد ولد فيها عالم الفيزياء ستيفن هوكينج، الذي رحل في عامنا هذا، صديقي سعد منحني جزءا كبيرا من وقته، وأسعدني لحسن استقباله وضيافته التي كانت عبارة عن أكل باكستاني.
التقيت في المنزل بوالدته التي قالت لي مازحة:- نريدك أن تسكن معنا شهرًا، سأطعمك كثيرًا لأنك بحاجة إلى زيادة وزن ولجسم أفضل من هذا. ووالده يعمل نجارًا في المنزل بعد تقاعده، رأيت عدة أعمال له، من آيات قرآنية وكلمة الله، سألته عن قيمة الثانية من باب المعرفة، ورد بأنها لي مجانًا، ولكنني رفضت هذا العرض. هو منشغل بنفسه بكل ما أوتي من قوة وقدرة، لديه مجموعة كتب تحمل اسمه وتتضمن أعماله، قامت بإعدادها إحدى المعارض الفنية في لندن، بعد إبرام الصفقة بين الطرفين. من ضمن تلك الكتب قررت أن أخذ معي مجموعة تتجاوز 20 نسخة، أهديتها إلى أهل الفن والتجارة في الرياض، تلك الرياض التي أريد أن أراها رياضًا.. طبيعة وفن.