م/ نداء بن عامر الجليدي
لا بد من تقويم البداية الجدية في البحث لصياغة التحول الوطني لأجهزة الدولة وهي مقبلة على مرحلة التغيير.. ونتمنى أن يتماشى معها التطوير بشكل متوازٍ. وهذا من نتـائج الممارسات والتجارب التي مررنا بها على مدى السنوات الماضية، والتي أدت إلى التعقيدات الإدارية والتنظيمية التي تعرقل التنمية والانطلاق إلى المستقبل بالأمل الكبير. ولصياغة قاعدة منهجية لا بد أن ترتكز على مراجعة عمل التنسيق بين الأجهزة المختلفة المشاركة في عمليات التنمية، وذلك بضم عدد من الوزارات ذات العلاقة، والإقلال من عدد الوزارات المتداخلة، وهي كثيرة. ولا ننسى أهم شيء، وهو تكامل التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والعمراني على المستويات المحلية والإقليمية، مع الربط الرأسي بين هذه المستويات التخطيطية، والتكامل الأفقي بين القطاعات التنفيذية في كل من هذه المستويات. ويتزامن معها إعداد الخريطة التنموية والسكانية للمملكة في المستقبل، مع تحديد استراتيجيات التنمية والعمران التي تتحرك في إطارها مختلف القطاعات التنفيذية، كما توزع في نطاقها مختلف الاستثمارات الإنتاجية والخدمية بعيدًا عن الرقعة الزراعية المظلومة لدينا.
كذلك لا بد من إثراء دوافع الانتماء الوطني، وتكثيف وسائل التنوير لتأهيل شرائح المجتمع للمشاركة في اتخاذ القرار، مع دفع العمل بالجهود الذاتية والتوعية بأبعاد استراتيجيات التنمية التي تحرك الخريطة السكانية للمملكة. إضافة إلى تحرير ملكية أراضي الدولة الموجودة لدى مصلحة أملاك الدولة من القطاعات والمؤسسات، وتوظيفها لأغراض ومتطلبات وبرامج ومخططات التنمية والاستثمار. وهذا يتطلب تكامل الأجهزة التنفيذية على المستوى المحلي ماليًّا وإداريًّا بما يضمن التنسيق بينها، ويزيد من كفاءة أدائها لتحقيق استراتيجيات التنمية وتوجيهاتها.
وأهم نقطة هي إعداد المجتمع بكل فئاته ومؤسساته للمشاركة الفعلية في التنمية السياحية؛ بوصفها أحد الروافد الرئيسة للدخل في عدد من البلدان. ونحن ماذا ينقصنا؟ ويتزامن مع ذلك الحفاظ على الثروة التراثية والبيئية الحضارية.
وكذلك مشاركة وتوجيه القطاع الخاص ومنتجاته الاستثمارية إلى المواطنين بصورة مركزة ومتكاملة. وأخيرًا اعتبار التعليم والصحة مسؤولية مجتمعية، ويكون دور أجهزة الدولة مساعدًا ورئيسًا بها؛ لأن هذين القطاعين بكل دول العالم مسؤولية أجهزة الدولة.
عزيزي القارئ، طرحي اليوم ليس إلا محاولة لفتح الحوار حول هذا الموضوع، وحتى يكون أساسًا للتطوير، وليس فقط للتغيير. وإن التحول الوطني لا بد أن يهدف في تشكيلاته واختصاصاته وتوظيف وظائفه إلى استقرار العمل، والارتقاء بالأداء العمراني التنموي، وذلك بإعطاء قيادات العمل التنفيذي الفرصة والقدرة على اتخاذ القرار دون الرجوع دائمًا إلى قرار الوزير؛ حتى لا تتجمع كل الخطوط في يده، وحتى يقتصر دور الوزير على توجيه السياسات، وتحقيق أهدافها دون الدخول في تفاصيل ودقائق العمل الفني للقيادات التنفيذية، التي لا بد أن تأخذ مكانها بوضع الاستراتيجيات مع تحمُّل المسؤولية؛ وبذلك يمكن ضمان استقرار العمل دون الاعتماد كلية على الوزير المتخصص في كل صغيرة وكبيرة؛ الأمر الذي أصاب معظم الوزارات المختلفة حاليًا بالهبوط في الأداء، والترهل في العمل.
نأمل بأن يكون هذا المقال بداية للحوار والمناقشة للدخول على أبواب مرحلة جديدة من مراحل العمل الوطني. هذه دعوة للتطوير أكثر منها للتغيير.