م. خالد إبراهيم الحجي
إن المجتمعات المعاصرة تتطور بسرعة شديدة جداً بسبب التكنولوجيا الحديثة ونشاهد تطبيقاتها العملية في المدن الذكية التي تعمل على أساس الطاقة الصفرية (زيرو- إنيرجي)، ويقصد به الوصول إلى الصفر في المعدل السنوي من استخدام الطاقة التقليدية الناضبة (النفط والغاز) للمباني في المنطقة الواحدة (الزون الواحد)؛ أي أن يكون استهلاك الطاقة السنوي للمباني الذكية يساوي تقريباً إنتاج الطاقة المتجددة من الرياح والشمس. ومن التطبيقات العملية للتكنولوجيا الحديثة تأمين الاحتياجات المنزلية من مواقع البيع على الإنترنت من خلال شاشات التلفزيون ثلاثية الأبعاد، والتجول داخل السوق وتحديد البضائع التي يريدها المشترون وخصم قيم المشتريات مباشرة من حساباتهم البنكية إلى حسابات مراكز البيع البنكية التي ستقوم بتوصيل البضائع إلى المنازل، عن طريق البر أو الجو، وفق العناوين المدخلة مسبقاً في قواعد بيانات مراكز البيع. والتطور في مجالات التكنولوجيا يتم بطريقة مضطردة (إيكسبونانشال)؛ أي استخدام الجيل الحالي من التكنولوجيا لتطوير الجيل القادم منها، مثل: استخدام التكنولوجيا الراهنة لتطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: وهو محاكاة القدرات الذهنية البشرية في التعلم والاستنتاج وردود الأفعال المناسبة، ويسمى أحياناً بالذكاء الآلي الذي يقصد به الأجهزة التي تدرك الواقع المحيط بها وتتخذ إجراءات عملية لتحقيق الأهداف والنتائج وإنجاز الأعمال المطلوبة منها؛ وباختصار شديد هو علم وهندسة صنع الآلات الذكية. واستخدام آلات الذكاء الاصطناعي يتطلب التعامل مع كم كبير جداً من البيانات والمعلومات بالسرعة الفائقة التي يعجز العقل البشري عن الإلمام بها، وتُمكنه من الاستفادة القصوى منها، ومن تطبيقاتها في الحياة العملية، مثل:الإنسان الآلي (الروبوتات) الذي يحقق الإتقان، ويوفر الوقت والجهد بدلاً من المجهود العضلي للإنسان في خطوط الإنتاج دون حدوث أخطاء بشرية. ومثل: الطابعات ثلاثية الأبعاد؛ إحدى طرق التصنيع الحديثة التي تتميز بالسهولة في الاستخدام والسرعة في الإنتاج، وتستخدم خامات متعددة لإنتاج أجهزة مختلفة، وآلات معقدة جداً بواسطة البرامج الحاسوبية، وتُستعمل في مجالات متعددة، مثل: الترفيه، وصناعة الأحذية، وصياغة المجوهرات، والتعليم، والبناء والإنشاءات والهندسية، والطب، والطيران والتسليح والفضاء. وعصر الذكاء الاصطناعي أصبح واقعاً حقيقياً في حياتنا؛لأن جميع شركات التكنولوجيا الكبرى دخلت في سباق مستمر، وتنافس محموم، وتطور نفسها بسرعة شديدة لتقدم خدمات أكثر وتقنيات أفضل من السابق، وأخذت تتسابق في مشاريع الذكاء الاصطناعي لتواكب عصر السرعة وتدفع ملايين الدولارات للعباقرة المتخصصين لتحويل أفكارهم، وابتكاراتهم واختراعاتهم إلى أجهزة ذكية وآلات تكنولوجية حديثة وتطبيقات تجارية.
والتوقعات المستقبلية تفيد أن (50) في المئة من الوظائف الحالية ستختفي تدريجياً، ولن تكون موجودة بحلول عام 2040م، وستحل محلها وظائف جديدة مرتبطة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي غيرت طبيعة العمل التقليدية، وطورتها بزيادة استخدام الميكنة الآلية التي توفر المال والوقت والجهد بدلاً من الاعتماد على الأيدي العاملة والجهد العضلي. وقد أطلقت شركة جوجل حديثاً مجموعة من خدمات الحوسبة السحابية لِتُمكن أي مطور أو شركة باستخدام تقنيات التعلم الآلي. ومن هذا المنطلق قام كل من البروفسور «ديم ويندي هول» أستاذ علوم الحاسب الآلي في جامعة ساوثهامبتون بإنجلترا، والمهندس «جيروم باسينتي» من شركة بينفولينت للتقنية بإعداد تقرير يفيد أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستضيف (873) مليار دولار إلى اقتصاد بريطانيا بحلول عام 2035م. ويوصي التقرير أن تقوم الحكومة البريطانية بإنشاء نظام آمن للتشارك العام في البيانات، وإنشاء برامج الماجستير بتمويل من الحكومة وقطاع التصنيع لزيادة التنوع في القوى العاملة التي تلبي احتياجات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة:
إنه من الصعب أن تجد عملاً لم يتأثر بالحوسبة والحواسيب على مدى العشرين عاماً الماضية، وتكونولجيا الذكاء الاصطناعي ستمس حياة كل شخص وكل شيء كما أثرت الحوسبة على الجميع.