يوسف المحيميد
لعل من أجمل المفارقات التي أثارها مسلسل العاصوف هي هذه الهجمة الشرسة، والمعتادة، على شخص ناصر القصبي، المشرف العام وأحد أبطال المسلسل، حيث كانت التهمة تشويه أهلنا وتاريخنا القريب، وربما سيأتي تشويهنا قريبًا في الأجزاء اللاحقة من المسلسل، بحجة أننا لم نكن كذلك، وهذه التفاصيل أو ربما الفضائح تكدر المزاج العام للبلاد والعباد!
وهي تهم لا تختلف عما يلصق بكثير من الروائيين العرب، وبالذات الروائيين السعوديين، بأن ما يقومون به إنما هو نشر لغسيل المجتمع، وتركيز على أحداث قد لا تمثل ظاهرة، وكأنما على الرواية أن تختص بدراسة الظواهر الاجتماعية وتشريحها!
الفارق بين العاصوف المسلسل، والرواية المقروءة، هي أزمة الفارق بين البصري والمكتوب، أزمة القراءة على المستوى الشعبي، فنسبة القراءة في العالم العربي متدنية، وحتى لو لفتت الأعمال الروائية بعض القرّاء، فهم أكثر وعيًا ممن لا تتجاوز ثقافته محتوى المسلسلات، وعلاقته بالكتاب هي علاقة شبه معدومة، أي ممن يعاني من أميَّة ثقافية، حتى لو كان مؤهلا تأهيلا جامعيا، لكنه لا يقرأ خارج نطاق المقررات الجامعية في مجال التخصص، التي سيؤدي من خلالها الامتحانات بحثا عن إنهاء مرحلة دراسية.
في مطلع الألفية الجديدة، صدرت روايات سعودية متجاوزة، ناقشت موضوعات اجتماعية حساسة، ووصفت بأنها مسيئة وتنشر غسيل المجتمع لدى الخارج، حتى وإن كان على نطاق أضيق مما تركه أثر المسلسل، فسحر الشاشة الصغيرة أكثر غواية وتأثيرًا على مستوى العالم، لكنه في العالم العربي أكثر تأثيرًا في مقابل غياب أكبر للكتاب، لذلك لم يطلع المشاهد على مثل هذه الروايات التي شرَّحت الواقع الاجتماعي اليومي بوضوح أكثر، وبجرأة متناهية، حتى للفترة ذاتها التي تناولها المسلسل، وربما لو فعل، لأدرك أن هذا العمل الدرامي هو عمل عادي، يتناول أحداث طبيعية ومتخيلة، حتى وإن بدت واقعية، قد تحدث في أي تجمع إنساني على هذا الكوكب.