ماجدة السويِّح
لعبة «مطلق النار النشط» الذي كان مقرراً إطلاقها في 6 يونيو أثارت الجدل في المجتمع الأمريكي بالسيناريو الذي تقوم عليه، حيث تقوم على دعوة المستخدمين إلى تنفيذ عملية إطلاق النار والرد على ذلك داخل قاعات وممرات المدرسة، عبر استخدام أنواع متعددة من الأسلحة كالسكاكين والبنادق والقنابل اليدوية.
العجيب أن وصف اللعبة كما ذكرت صحيفة ميامي هيرالد تضمن إخلاء للمسؤولية، يذكّر فيه اللاعبين بأن اللعبة لا يمكن أخذها على محمل الجد، فهي محاكاة لا أكثر، ويستطرد البيان بأن على اللاعب الاتصال بالطبيب النفسي أو الشرطة إذا شعر بالرغبة بإيذاء شخص أو الأشخاص المحيطين به!
اللعبة الجديدة أثارت مخاوف وقلق الآباء والأمهات، مما دعا الناشطين والمهتمين منهم إلى توقيع عريضة على الانترنت لمنع إطلاق اللعبة، وقد قوبل طلبهم بالموافقة، بعد مبادرة أهالي الضحايا في شن حملة ضد هذه اللعبة التي تشجع على العنف وتسهل استهداف المدارس بالعنف والإرهاب.
شهد عام 2018 منذ بدايته وحتى الآن 23 عملية إطلاق نار في المدارس أو الجامعات الأمريكية، إما بشكل مقصود أو بشكل عرضي، وكان أكثرها دموية الذي وقع في باركلاند بولاية فلوريدا، وتبعها الحادث الأخير في مدرسة بتكساس وقع ضحيته عشرة ضحايا.
الظاهرة الخطيرة التي تؤدي سنويا بأرواح العديد من الأبرياء في المدراس، على يد مراهق أو طفل مزوّد بالسلاح والدافعية للانتقام من زملاء الدراسة أو المدرسين، أعادت للأذهان النظريات القديمة في قوة تأثير ألعاب الفيديو والإعلام على الشباب، حيث تؤمن تلك النظريات التقليدية بوجود علاقة بين العنف والإعلام خصوصا ألعاب الفيديو العنيفة.
في حين أن الأبحاث الحديثة تقلل من قوة تلك العلاقة بين ألعاب الفيديو العنيفة والسلوك العنيف، بل في أحيان أخرى تنفيها، حيث توفر تلك الألعاب الترفيه، كما تعتبر كمخرج آمن وفعال للسلوكيات العنيفة من قبل الشباب والمراهقين عبر العالم الافتراضي.
في الظاهرة الأمريكية الفريدة من نوعها في العالم، تغذي ظاهرة إطلاق النار في المدارس، وعمليات القتل الجماعي عوامل أخرى غير ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة، حيث تشكل الثقافة والبيئة الاجتماعية عوامل مؤثرة في تنامي الظاهرة.
لعل أبرز تلك العوامل حرية امتلاك واستخدام السلاح فهو حق مكفول للجميع، وسهولة الوصول له من قبل المراهقين والشباب، وتتفاوت الولايات في قوانينها في تنظيم عملية بيع وامتلاك الأسلحة للمراهقين والشباب بين السهولة والصعوبة في امتلاكه من منافذ البيع المصرحة، ناهيك عن السوق السوداء التي تنشط في تزويد وتصريف الأسلحة لمن لا يستطيع الحصول عليها بالطرق القانونية، كما أن البيئة العنيفة المحيطة بالمراهق كفيلة بتشكيل سلوكه وارتباطه بالسلوك العنيف، وكذلك السمات الفردية للشخص.
ولا ننسى التكنولوجيا المستخدمة في تصميم الألعاب اليوم، فقد أصبحت متطورة وأكثر واقعية، وهذا من شأنه أن يزيد بطريقة ما من آثار ألعاب الفيديو العنيفة،
فالتعرض المستمر للعنف من مصادر مختلفة، بما في ذلك ألعاب الفيديو العنيفة، كفيل بخلق شخصية عنيفة قابلة للانزلاق لمخاطر الممارسة الفعلية في العالم الحقيقي.