«الجزيرة» - المحليات:
ألقى وكيل وزارة الصحة المساعد للتحول قائد التحول المؤسسي د. محمد الصغير محاضرة بعنوان (دور الابتكار في رفع مستوى الرعاية الصحية) ضمن فعاليات منتدى أسبار الدولي أمس الاثنين، حضرها أكثر من 60 شخصًا من المسؤولين والأطباء والممارسين الصحيين والمهتمين بالإبداع والابتكار. وأدار الحوار فيها الأستاذة آمال بنت يحيى المعلمي.
وأشار بداية إلى تطور المنظومة الصحية في المملكة خلال العقود الماضية، من خلال إنجازات البنى التحتية والموارد البشرية المختلفة، التي بلغت في الكادر الصحي السعودي أكثر من 22 ألف طبيب، وأكثر من 66 ألف ممرض، وأكثر من 4900 صيدلي، وأكثر من 75 ألف موظف خدمات صحية مساعدة. كما بلغت في المؤسسات الأكاديمية أكثر من 41 كلية طبية، وأكثر من 13 كلية تمريض، وأكثر من 20 كلية صيدلة، وأكثر من 28 كلية رعاية صحية أخرى. أما مرافق الرعاية الصحية العامة فقد تجاوزت 2000 عيادة رعاية صحية، وأكثر من 270 مستشفى، و40 ألف سرير مستشفى، و330 مركزًا تخصصيًّا.
أما الإنجازات الإكلينيكية فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع فيها إلى 74 عامًا في 2015 بزيادة 63 % عن عام 1960م، وانخفضت وفيات الرضع 7 وفيات لكل مولود حي في 2015م بنسبة 96 % عن عام 1960م. كما أن التطعيمات المختلفة وصلت إلى 97 % في 2015م بنسبة ارتفاع 137 % عن 1980م.
وتناول د. الصغير التحديات الرئيسية لنظام الرعاية الصحية في المملكة العربية السعودية، وأشار إلى أن التحديات تتمثل في التكاليف المتصاعدة؛ فمتوسط الزيادة السنوية في ميزانية الرعاية الصحية الحكومية أكثر من 7 % منذ عام 2010م، وكذلك نمط الحياة غير الصحي لدى الناس؛ إذ إن 75 % لا يجرون فحوصات دورية، و60 % يعانون زيادة في الوزن أو السمنة. إضافة إلى الوفيات المبكرة التي تمثل فيها نسبة الوفيات من الأمراض غير السارية في المملكة 46 % مقارنة بأقل من 25 % من أوروبا الغربية، وزيادة الأمراض المزمنة التي بلغت أكثر من 5 ملايين حالة. ومن المتوقع أن يتراوح عددها بين 8 و10 ملايين حالة بحلول 2030.
وقال: إن التحديات الجديدة التي تواجه نظام الرعاية الصحية اليوم تتطلب حلولاً مختلفة؛ لأن الحلول التقليدية سوف تتسبب في خروج تكاليف القطاع الصحي عن السيطرة. لافتًا إلى أن أسباب زيادة الإنفاق تتمثل في: زيادة عمر السكان، والنمو السكاني، والتكنولوجيات الطبية، وانتشار الأمراض.. وأن توقعات الإنفاق على الرعاية الصحية السنوية سوف تتضاعف خلال الـخمسة عشر عامًا القادمة من 78 مليار ريال؛ لتصل إلى 177 مليار ريال في 2030.
وشدد وكيل وزارة الصحة المساعد للتحول على أن الإبداع هو الحل، وأنه لا يرتبط بفكرة، وأن «الشبكة» هي الإبداع. مشيرًا في هذا السياق إلى فكرة استخدام البنسلين التي اكتُشفت قبل الميلاد، ولم تترجم إلى نجاح إلا في القرن العشرين، وأن ذلك كان عمل شبكة من العلماء والمكتشفين الذين طوروها تباعًا، ولم يكن عمل شخص واحد. كما أن مبدأ الإبداع بالشبكة ينطبق على مجالات أخرى؛ فالأيبود صُمم على شبكة من التطورات المتلاحقة، وكذلك الحال في أغلب الإبداعات عبر التاريخ.
وخلص إلى القول بأن رؤية 2030 مهدت الطريق نحو قطاع رعاية صحية أفضل، وأن تصميم التحول في الرعاية الصحية يرتكز على أفضل الممارسات الدولية، من حيث فصل الجهة التنظيمية ومزودي الرعاية وممولي الخدمة.. موضحًا أن الأهداف الرئيسية للتحول تركز على: فصل التنظيم، وتقديم الرعاية الصحية بوزارة الصحة، وتقديم الرعاية الصحية من خلال مؤسسات حكومية، وتمويل نظام الرعاية الصحية من خلال كيان تمويل قائم بذاته.
وقال إن برامج التحول تتمحور حول إزالة العقبات التي تواجه الإبداع؛ لأن الإبداع هو الآلية الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تصبح الرعاية الصحية أعلى في الجودة وأقل في التكلفة؛ إذ يتحول النظام لخدمة الشخص حسب حاجته وفي محيطه دون تقيد بالأدوار التقليدية؛ فالحوكمة تتطلب تعزيز وزارة الصحة لقيادة إصلاح القطاع، وتحويله ليكون أكثر استراتيجية، وإنشاء مجموعة من الهيئات التنظيمية. وتمويل الرعاية الصحية يتطلب إنشاء التأمين الصحي الوطني، وفصل المشتري عن الدافع، والتركيز على النتائج بدلاً من المدخلات. وفي نموذج الرعاية التركيز على الوقاية، ودمج تخطيط القدرات، وتوفير الرعاية عبر القطاعات. وفي التحول المؤسسي ينبغي إضفاء الطابع المؤسسي على تقديم الخدمات الصحية، وإنشاء مجموعات محلية، تشكل في نهاية المطاف منظمات رعاية خاضعة للمساءلة.
وعلى مستوى القوى العاملة يتطلب تعزيز جودة القوى العاملة، ووجود وحدة لتخطيط القوى العاملة الوطنية للرعاية الصحية. وفي الصحة الرقمية توفير الأدوات الرقمية (تطبيقات) للمرضى والقوى العاملة، وتسريع البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في وزارة الصحة. وفي المشاركة المجتمعية تسهيل مشاركة المجتمع في قطاع الصحة، وزيادة تأثير مشاركة المجتمع. كما يتطلب مشاركة القطاع الخاص توفير خدمات الرعاية الصحية عبره، ودعم توطين الأجهزة الصيدلانية والطبية.
ومثل د. الصغير على استخدام التكنولوجيا في الإبداع، من خلال (منسق الحالات) الذي يراقب صحة المريض عن بعد بشكل يومي، ويتدخل عن الحاجة؛ إذ تتم عملية المراقبة بدورية أعلى، ويتم تخفيف عبء الزيارات على المريض، وتخفيف الضغط على العيادات والمواعيد. إلى جانب الإبداع في استخدام الموارد لخدمة الحشود (في موسم الحج، الكشف المبكر، التطعيم، التوعية والوقاية)؛ إذ ينتج من ذلك كله نقلة فكرية في نقل التركيز من المستشفى إلى المنزل، ومن قياس النشاط إلى قياس النتيجة، ومن العلاج إلى الوقاية، ومن المنشآت إلى المجتمع، ومن الخدمة الحاضرة إلى الخدمة الافتراضية، ومن العمل المجزأ إلى العمل المتكامل، ومن غير المفعل إلى المفعل.
وأشار في ختام محاضرته إلى إطلاق معالي وزير الصحة د. توفيق الربيعة برنامج نموذج الرعاية الصحية بوصفه إحدى مبادرات برنامج التحول الوطني في إبريل 2017؛ ليكون أساس نموذج العناية الجديد هو الفرد نفسه؛ إذ سيكون هناك تغيير كبير في الطريقة التي تقدم بها الرعاية الصحية، تجعل تقديم الرعاية والإجراءات التشخيصية وحتى التدخلات العلاجية في بيئة منزلية، وستكون كلها معتمدة على الفرد نفسه، ومصممة حسبما يناسبه.
لافتًا إلى أن الخدمات الصحية مستقبلاً حتى لو كانت في بيئة المستشفى فهذا يعني أن المستشفيات ستكون مؤسسة بطريقة مختلفة كليًّا، من حيث تنظيمها وطرق العمل بها والتقنيات والأدوات المستخدمة فيها، تمكن الفرد من الاستفادة من الرعاية.. مبشرًا بتحول شامل في كيفية استخدام التقنية، والتقنيات التي ستستخدم في المستشفيات ستكون مترابطة مع بعضها بطريقة مختلفة في أسلوب التعامل مع الفرد الذي يريد الخدمة، وفي طريقة تقديمها لها.