عبد العزيز الصقعبي
استبشر الجميع بأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بإنشاء وزارة للثقافة، وبالطبع وزارة يعني جهاز حكومي كبير يهتم بكل ماله علاقة بالثقافة، لتنفصل عن الإعلام، وليتم تشكلها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بالتنسيق مع هيئة الخبراء بمجلس الوزراء.
أنا لست الوحيد الذي استبشر بهذه الوزارة بل كل سعودي وسعودية، ولست الوحيد الذي سيكتب عن آماله وأمنياته بل كل مثقف ومحب لهذا الكيان الكبير، المملكة العربية السعودية. لن أقول إن الثقافة كانت مهملة في السابق، فأنا أخالف الواقع، لأنه كان هنالك اهتمام بالثقافة والمعرفة والعلم، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبسط مثال، دعمه للنشر فهنالك عدد كبير من الكتب التي نشرت على نفقته، الأمر يندرج على كل النواحي الثقافية المختلفة، وبالطبع سار على نهج هذه العلاقة القوية أبناؤه سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله جميعاً-، والجميع يعرف علاقة خادم الحرمين الشريفين بالثقافة والمعرفة.
الحديث عن علاقة الدولة وقادتها بالثقافة يطول، وربما لن أجد حيزاً للحديث عن هذه الوزارة الفتية، وهنا أقول بعض الكلام الذي سبق أن قلته في زمن سابق، عندما أضيفت الثقافة إلى الإعلام وأصبحت جزءاً من مهامها بعد انتقالها من رعاية الشباب، وبعد ذلك حديثي عند تأسيس الهيئة العامة للثقافة، ولكن وبحكم أن هذه الزاوية الصغيرة هي ربما وسيلتي حالياً لإيصال صوتي لأصحاب القرار، وثقتي بأن ما سأقوله ليس تكراراً، بل مشاركة من أحد المنتمين للمشهد الثقافي، فهذا التصور الذي لدي لوزارة الثقافة.
أربعة محاور رئيسة أعتقد تدخل ضمن دائرة وزارة الثقافة، وهي الآداب، والفنون، والنشر، والمكتبات، فمنذ قرابة الأربعين عاماً تم إنشاء لأندية الأدبية لخدمة النشاط الأدبي والأدباء، من جانب آخر تم انشاء جمعية الثقافة والفنون، وبعد ذلك تمت إقامة بعض المراكز الثقافية، عمل تلك المؤسسات متفاوت، حسب القيادات التي تشرف عليها، فهي تحتاج إلى صياغة جديدة وفق رؤية المملكة 2030 ووفق برنامج جودة الحياة، وأثق بأنه سيكون هنالك بحث ودراسة لفعل تلك المؤسسات لتظهر بصورة مختلفة لخدمة محوري الثقافة والفنون، المحور الثالث وهو النشر وأنا لا أتكلم عن النشر التجاري، ودور النشر السعودية، ولكن نشر التراث الفكري والإبداع الجديد في المملكة، للأسف لا يوجد لدينا سلاسل كتب، وكل رائد أو أديب أو مفكر ينتقل إلى رحمة الله، تطوى صفحته ويفقد أثره الثقافي والعلمي، لعدم وجود عمل مؤسسي لنشر نتاجه الفكري، وبالطبع عدم وجود سلاسل إبداع حقيقية، كان سبباً لاستغلال دور النشر الرديئة في بعض الدول العربية للناشئة من الكتاب بنشر تجاربهم غير الناضجة بمبالغ كبيرة، وكما هو معروف للنشر بريق يغري، أمر آخر، وضع معرضي الرياض وجدة للكتاب وعدم وجود الإدارة الثابتة للإشراف عليهما، ونحن نتحدث عن المعارض، لابد أن تكون هنالك مشاركة جيدة لوزارة الثقافة في معارض الكتب العالمية والعربية، يكون فيه الإبداع في المملكة حاضراً، و سبق أن تحدثت عن سؤال كثير من الأدباء العرب الذين زاروا الجناح السعودي في معرض القاهرة للكتاب عن كتب المبدعين السعوديين، لاسيما وأن بعضهم حصل على جوائز عربية كبيرة، وللأسف كانت تلك الكتب غير موجودة، وموزعة على دور النشر العربية التي استفادت منها كثيراً.
المحور الأخير هو المكتبات، وهو أساس الثقافة، المكتبات منذ أن انتقلت من «وزارة المعارف» لم تتغير، تحتاج إلى اهتمام كبير وبالذات المكتبات العامة، ربما حرصي على المكتبات لكوني أحد الذين تشرفوا بالعمل في مكتبة الملك فهد الوطنية، وتشرفت بخطاب خادم الحرمين الشريفين بالعمل بها معاراً من تعليم البنات، وكنت ألحظ مدى حرصة -حفظه الله- لتكون هذه المكتبة من كبرى مكتبات العالم، وقد تحقق ذلك، لذا ومن وجهة نظري الخطوة الأهم إعادة صياغة المكتبات في المملكة وفق ما وصلت إلية التقنيات الحديثة ولمواكبة التطور المعلوماتي في العالم، وأعتقد أن ذلك سيخدم الثقافة بصفة عامة، والأدب والفنون والنشر بصفة خاصة، وتحقق بإذن الله المملكة حضوراً ثقافياً متميزاً على مستوى العالم، وفق الله سمو الأمير بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود، وليثق سموه أن كل محب للثقافة في المملكة سيكون بمشيئة الله عوناً له.