خالد بن حمد المالك
ما تم الاتفاق عليه بين كل من ولي عهد المملكة وولي عهد أبوظبي - المحمدين - من تجسير للعلاقات التاريخية بين البلدين يشكِّل مثل هذا الاتفاق تحولاً نوعياً في التعاون، وتأسيساً لمرحلة جديدة من العلاقات غير العادية، ويرسم خريطة جديدة لشكل ما ينبغي أن تكون عليه هذه العلاقة في الحاضر والمستقبل.
* *
هذا الاتفاق يظهر تصميم الدولتين على خلق فرص لم تكن موجودة من قبل لبناء أوثق العلاقات، والدخول إلى بوابة التعاون الحقيقي بين الدولتين، وصناعة المستقبل الذي سيغيّر من وجه المنطقة بدولها وشعوبها، وذلك في إيذان على أن هناك جهداً يبذل، وتفكير يتم، وعمل يتواصل.
* *
والإعلان عن (إستراتيجية العزم) بـ44 مشروعاً يشكِّل انتقالاً غير مسبوق في العلاقات الثنائية، وتصميم البلدين على مواجهة التحديات بمثل هذه المشروعات، بينما تترك للآخرين - قطر وإيران تحديدًا - إهدار الوقت والمال والجهد في التآمر على الجيران، وتشجيع الإرهاب، وحرمان شعوبهم من استثمار إمكانيات دولهم بما يخدم وينفع شعوبها.
* *
ولن يطول انتظارنا لرؤية هذه المشاريع على أرض الواقع، فقد حدد محمد بن سلمان ومحمد بن زايد فترة ستين شهراً لتنفيذ مشاريع الإستراتيجية، وبناء نموذج تكاملي استثنائي، يشمل إيجاد فرص عمل، ونمو في الناتج الإجمالي، وزيادة نسبة الاستثمار، وتعزيز التعاون والتكامل بين الدولتين سياسياً وأمنياً وعسكرياً.
* *
ومن بين ما تم التوصل إليه، الاتفاق على بناء منظومة تعليمية فعَّالة ومتكاملة لإعداد أجيال ذات كفاءة عالية، مع تعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة، وإيجاد حلول للاستغلال الأمثل للموارد، وذلك من خلال مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي الذي أعلن عنه بتوجيهات من الملك ورئيس دولة الإمارات، ويضم 16 وزيراً من القطاعات ذات الأولوية، وسيكون من ضمن اهتمامه متابعة تنفيذ المشاريع والبرامج المرصودة.
* *
ومع هذا المجلس سنكون على موعد مع رؤية مشتركة لتعميق واستدامة العلاقات المتميزة بين بلدينا، وسوف يقدّم المجلس النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول، وتفعيل أواصره ضمن منظومة مجلس التعاون، كما أشار إلى ذلك البيان المفصّل عن أول اجتماع لمجلس التنسيق الذي يرأسه كل من ولي عهد المملكة وولي عهد أبوظبي، وضم إلى جانبهما الوزراء، وقد تم الإعلان عن لجنة تنفيذية للمجلس للوقوف على سير العمل.
* *
وبينما تتجه المملكة ودولة الإمارات إلى هذا النموذج الاستثنائي للتكامل، تأتي قطر لبناء إستراتيجية إرهابية، وتأتي إيران للتكامل معها في زعزعة الأمن في دول المنطقة، وإيجاد منظومة إرهابية تمتص قوت شعبي البلدين في مؤامرات لا مصلحة للدوحة أو طهران فيها، وهكذا نكون أمام تجربتين في إدارة الدول، وفي العلاقات الدولية، تجربة البناء وتقوده المملكة والإمارات، وتجربة التخريب بقيادة إيران وقطر.
* *
بهذا التوجه من المملكة والإمارات، سنزداد تفاؤلاً وثقة بالمستقبل، ولن نخاف من مؤامرات مهما كان حجمها كبيراً، وسنتمسك بهذه السياسة الحكيمة في بناء دولتينا، ودون أن نغفل أو نتجاهل أو نتسامح مع أي مؤامرة أو تدخل في شؤوننا الداخلية، فهنا المملكة والإمارات يد تبني وأخرى تصد العدوان وتقضي على المؤامرات.