الناس يختلفون في ألوانهم وأشكالهم وملبسهم ودياناتهم ولغاتهم وثقافاتهم.. وثقافة المجتمع هي عبارة عن العادات والتقاليد والأفكار والمعتقدات والاتجاهات وأسلوب التفكير.. الثقافة يتعلمها كل عضو من أعضاء المجتمع في عملية اسمها التنشئة الاجتماعية. منظمة اليونسكو - وهي المنظمة العالمية للتربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة - لديها تعريف، هو: جميع السمات الروحية، والمادية، والفكرية، والعاطفية التي تميز مجتمعًا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، وتشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات. والثقافة هي التي تمنح الإنسان قدرته على التفكير في ذاته. وليس كل ثقافة موروثة تُتقبل من المجتمع؛ فما قُبل في الماضي ربما لا يصلح للحاضر.
إنَّ ثقافة مجتمعنا تختلف عن ثقافة شعوب الغرب والشرق، وتتناغم إلى حد ما مع ثقافة بعض الشعوب العربية. ومن الطبيعي أن الثقافات تختلف من مكان لآخر، وكذلك من زمن لآخر. وثقافتنا الإسلامية وطيدة الصلة بحياتنا الاجتماعية، بعلاقاتها وصلاتها، وأحكامها وآدابها.. ونحن نعتز بها. ودائمًا نقول ونكرر القول: نحن نختلف في ثقافتنا، وهذا ينطبق على كل شعب من شعوب العالم. ما يقلقني هو تحميل أخطائنا على أنها ثقافة مجتمعنا، وهذا ليس صحيح. هل ثقافتنا تسمح لنا بأن نترك فلذات أكبادنا في السيارة وقتًا طويلاً ونحن نتسوق أو نشاهد فيلمًا سينمائيًّا؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بأن نقطع إشارة المرور ونعرِّض الآخرين للموت؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بأن نهدر الأطعمة في الحاويات؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بالعنصرية والقبلية؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بأن يرتدي البعض في بلاد الغرب الملابس غير اللائقة؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بألا نحترم الزوجة ونعاملها بالقسوة والفوضوية؟ هل ثقافتنا تسمح لنا بأن يؤمن البعض بالواسطة والمحسوبية والمزيد من الثقافات الخاطئة التي لا تعكس قيمنا وثقافتنا الصحيحة؟.. نحن بحاجة إلى العودة إلى ثقافتنا المستمدة من ديننا الإسلامي السمح، ونبذ تلك الثقافات التي تمثلنا.
الثقافة المشتركة بيننا وبين الغرب والشرق ثقافة واسعة، وتتطابق في كثير من الأحيان، لكن البعض يتجاهلها، وربما لا يعرفها؛ فهي غير مغروسة داخل الإنسان السعودي. ومن تلك الثقافات ثقافة التسامح، وقبول الطرف الآخر، وحب القراءة الذي يغيب عن الكثير، ومساعدة الآخرين. إذًا ثقافتنا تختلف مع الآخرين، وتتطابق معهم. ونحن بحاجة إلى مادة علمية، تدرَّس في مدارسنا الابتدائية (بنين وبنات)، تسمى الثقافة السعودية، أو أي اسم آخر؛ ففي هذه المرحلة العمرية يتقبل الطفل التغيُّر، والتعلُّم، وغرس روح القيم الإسلامية، وعدم ترك أولادنا وبناتنا للقنوات الفضائية تعلمهم ما تشاء من ثقافات تشوه وتعكر عقولهم، وتدفعهم للاختلاف مع محيطهم. الثقافة الإسلامية هي الحل، التي تركز على تحديد العلاقة الواضحة بين الإنسان وربه، وعلاقته بالآخرين من المسلمين، وغير المسلمين.. وكم نحن فخورون بثقافة طلابنا في الغرب والشرق حين يضربون أروع الأمثلة على اختلافها في تلك المجتمعات.
وفي الختام.. نختلف في ثقافتنا الإسلامية ونتفق مع الثقافة العالمية الإنسانية التي لا تتعارض مع تعاليم ديننا الإسلامي السمح. للأسف، بعض شباب وشابات جيلنا الحاضر بدؤوا بتقليد ثقافات مختلفة منافية للواقع والإنسانية؛ وبذلك شوهوا موروثنا من عمق وأصالة ثقافتنا.. وهذا هو الواقع.