رقية سليمان الهويريني
بدأت تلوح في العراق (بلاد النهرين) أزمة شح المياه نتيجة بناء تركيا سد (أليسو) على نهر دجلة، الذي يبلغ طوله 1850 كيلومتراً، وهو ينبع من جبال طوروس التركية، ويلتقي مع نهر الفرات فيشكلان (شط العرب) في محافظة البصرة، وبالتالي يصب في الخليج العربي. وبناء السد سيحرم السكان من نصف حصتهم المائية كما ستفقد الأراضي الزراعية كميات هائلة من حصتها الإروائية.
وقد ضج الشعب العراقي، وتذمر من بناء السد، وتظاهروا ضد الحكومة التركية؛ دون نتيجة! ونشرت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي صوراً مؤسفة لنهر دجلة، وقد ضربه الجفاف!
وما يؤسف له أن حكومات العراق المتتابعة لم تستفد من مياه النهرين طيلة السنوات الماضية، ولم تقم بوضع خطط استراتيجية تجنّب العراقيين الحِرمان من الحصول على المياه، ولم تستثمر تدفق المياه من تركيا آنذاك ووفرتها قبل إنشاء السد! كما أن الحكومة الحالية لا تعمل في الوقت الراهن على تلافي هذه الأزمة، وكان جديراً بها بناء سدود لحفظ الماء بدلاً من هدره في الخليج العربي! ولعل الوضع الأمني غير المستقر والفوضى العارمة منذ عام 2003م أضاع على العراق فرصاً كثيرة من ضمنها الأمن المائي! فضلاً عن هدر المياه، حيث كان يستهلك الفرد العراقي يومياً 350 لتراً من المياه الصالحة للشرب عام 2015 بحسب إحصائية لوزارة التخطيط العراقية.
وما يفاقم الأزمة المائية قيام إيران أيضاً بتغيير مجرى نهر الكارون وإقامة سدود على نهر الكرخة، الذي كانت العراق تشترك معه بأكثر من 45 رافداً مائياً!
إن نقص المياه في العراق بسبب إقامة السدود على المنابع سيحول العراق (بلاد الرافدين والمليون نخلة) إلى بلد الملايين العطشى وأعجاز النخل الخاوية والأراضي المجدبة، وهو ما قد يشير لحرب مياه قادمة في وطن مثخن بجراحه!