إن الناظر بإمعان إلى نظام التحرش الذي صدر أخيراً لا يراه إلا تطبيقاً عملياً لقول الله تعالى {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً}، لأنه بمواده ونصوصه وأحكامه يقضي على مقدمات الزنا والمشاكل الناتجة عنه.
إن المملكة وهي تصدر مثل هذا النظام وتضعه ضمن أنظمتها تضع حداً لمشاكل عدة قد تنتج من تعدد تكنولوجيا المعلومات وتطورها، وإنها بهذا النظام تقنن الكيفية التي يجب أن يتعامل بها المستخدمون لهذه التقنية عند اختلاف الجنسين، بعد أن شرعت وطبقت نظام الجرائم المعلوماتية، كما أنه يتعدى تلك الأنظمة إلى الواقع المعاش.
إن ولاة الأمر حفظهم الله وهم يسيرون في خطة إصلاحية ضمنت للمرأة حقوقها كالرجل سواءً في ميادين العمل أو العلم أو غيرها يضعون نصب أعينهم أهمية الحفاظ على القيم الإسلامية والعادات والتقاليد التي تعارف الناس عليها قديماً وحديثاً، ولهذا رأوا أنه من الضرورة بمكان أن يصدر مثل هذا النظام ليحفظ للجميع حقوقهم وأعراضهم لا أن يترك الحبل على الغارب.
إن صدور مثل هذا النظام يغلق الباب أمام كل الحاقدين الذين سخروا أقلامهم وكتاباتهم ضد المملكة وسياستها المعتدلة، وباتوا يشككون في الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، ويجعل المنصفين من الكتاب يرون أن خطة الإصلاح تسير بخطى رزينة وعلى أسس وقيم ليست بعيدة عن ديننا الإسلامي الحنيف ولا عن تقاليد مجتمعنا المحافظ الأصيل.
إن المطالع في النظام سيجد أنه قد تضمن الأحكام التي تنظم الحياة الاجتماعية بين الناس سواءً كانوا في الشارع أو بحكم الجوار أو في العمل أو عبر التواصل الإلكتروني مما يجعله أشبه بنظام المرور الخاص بالسيارات، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ولاة الأمر يعطون الأمور الاجتماعية والأخلاق الإسلامية القدر الكبير من الاهتمام والحرص البالغين.
إن هذا النظام وأدٌ الرذيلة قبل وجودها، وصيانة للفضيلة، فهو في نهاية المطاف سد منيع في وجوه كل أصحاب النفوس الضعيفة والشهوات المقيتة التي تقود صاحبها إلى الدرك الأسفل من الأخلاق السيئة، لأنه يجعل مثل هؤلاء خصوم للدولة نفسها وليس من وقع عليه التعدي، فهو بصدوره يغلق باباً يعبر الشيطان من خلاله إلى نفوس وقلوب الكثير من الناس وخصوصاً فئة الشباب.
ختاماً إننا نحمد الله تعالى على أن جعل ولاة أمرنا ملوك وأمراء يقيمون لكل شيء اعتباره، فحتى الذي لا يفكر به الناس كقضية مهمة نراهم يسارعون لتقنينه من أجل خلق مجتمع فاضلٍ قوامه الأخلاق الفاضلة، وعنوانه المثالية في كل أموره وشئونه.
حفظ الله المملكة وولاة أمرها ورجال أمنها وشعبها من كل سوءٍ ومكروه.