عبدالوهاب الفايز
الاجتماع الأخير لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي يشكل المنطلق الواسع لتعميق العلاقة بين البلدين، واتضح ذلك بعد الإعلان عن الهيكل التنظيمي للمجلس. والبلدان يمضيان لتحقيق التكامل في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني والعسكري.
المجلس تم إنشاؤه ضمن اتفاقية بين البلدين في شهر مايو 2016، وسيعمل على تنفيذ المبادرات المشتركة، ويهدف طبقاً للبيان الرسمي الصادر (إلى وضع رؤية مشتركة تعمل على تعميق واستدامة العلاقات بين البلدين بما يتسق مع أهداف مجلس التعاون، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بين البلدين، وإيجاد الحلول المبتكرة للاستغلال الأمثل للموارد الحالية، وبناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي يتميز بها البلدان لإعداد أجيال مواطنة ذات كفاءة عالية، وتعزيز التعاون والتكامل في المجال السياسي والأمني والعسكري بما يعزز أمن ومكانة الدولتين السيادية الإقليمية والدولية، إضافة إلى ضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين، وذلك عبر آلية واضحة).
المجلس سوف يبرز مكانة الدولتين الجيوسياسية، ويرد على الذين يحاولون جاهدين اختراع حالة خلاف بين البلدين، ويوجد الفرق الفنية المتخصصة لحل الإشكالات المتوقعة التي سوف تبرز مع بدء تطبيق المشاريع الكبرى.
البعد الأمني للتكامل بين البلدين سيكون في الأولوية حتى نحمي مكتسباتنا، فالتحالف الأمني والعسكري القوي ضروري لمواجهة مشروع إيران، ولمواجهة التأمر والتخريب من (نظام الحمدين). الإمارات والسعودية أصبحتا في مواجهة حقيقية مع نظام الخميني، وهذا نظام شرس محترف في التآمر ولا يعرف حدود للصراع، ويتغذى على إشعال العداوات. لذا من الضروري لأمن البلدين وأمن المنطقة التكامل في العمل العسكري والأمني لمواجهة الأطماع الإيرانية الحالية والمستقبلية.
الذي نراه الآن ونقدره هو مشروع التكامل في العمل السياسي، فالقيادة في البلدين مدركة لأهمية تنمية العلاقة بين الشعبين والقيادتين منذ توحيد الإمارات العربية وانطلاقة مشروع الدولة الحديثة الذي تبناه وعمل عليه الشيخ زايد آل نهيان يرحمه الله، وكان الملك فيصل، يرحمه الله، عضيده ومعينه الأول لتحقيق هذا المشروع.
التكامل السياسي الضروري ستكون تطبيقاته الإيجابية على وحدة مجلس التعاون الخليجي، فالسعودية والإمارات يُعوَّل عليهما المبادرة لتجنيب المنطقة احتمالات الفراغ السياسي نتيجة للسياسات الخارجية القطرية التي أضرت وأضعفت المجلس حيث شكلت انشقاقاً صريحاً على روح ومبادئ وأخلاقيات المسيرة، والآن حلفاء قطر في منظومة الإعلام المستأجر يبدون تباشير الفرح لـ (موت مجلس التعاون) بعد الإعلان عن مشروع المجلس السعودي - الإماراتي. طبعاً هذه أمانيهم، ولكن الذي نراه كخليجيين يخالف تصوراتهم، فالخطوة للتكامل ستكون ثمارها الأساسية في خدمة شعوب المنطقة جميعاً. ألم تثبت عاصفة الحزم لتحرير اليمن صدق النوايا بين البلدين.
إضافة إلى التكامل الأمني وضرورته لمواجهة التهريب والمخدرات وتحركات الأموال المشبوهة، أيضاً التكامل الاقتصادي في قطاعات التنمية البشرية، والخدمات، والنقل، والطاقة أعطاه المجلس ما يستحقه من أهمية لتكريس التكامل وربط مصالح الشعبين، واتضح ذلك من الهيكل التنظيمي للمجلس الذي تم تشكيله بعدد كبير من الوزراء في قطاعات سيادية قادرة على إحداث التغيير ودعمه.
جزى الله الشدائد كل خير.. لقد عرفتنا بقوتنا ومصيرنا المشترك، وكشفت معادن الرجال والأنظمة التي تبني وتعمر، أو التي تخرب مصالح شعوبها.