فهد بن جليد
مُنذ إغلاق شعبة المسرح في قسم الإعلام بجامعة الملك سعود قبل حوالي 17 -18 عاماً، تضاءل أمل وجود تجربة مسرحية أكاديمية سعودية مُكتملة يُشار إليها بالبنان، لم يعد للفنون الجميلة -مُنذ ذلك التاريخ- أي حضور حقيقي في الجامعات السعودية، سوى بعض الاجتهادات الفردية المُتناثرة هنا وهناك، خلافاً للحياة التعليمية الطبيعية في المجتمعات التي تحضر فيها الفنون بكل أشكالها كعنوان رقي وتقدم وتحضر، فلا توجد بجامعاتنا (أقسام فنية) فضلاً عن (كليات للفنون) ممَّا يعني أنَّ الجفاف الفني يعمُّ أروقة مؤسساتنا التعليمية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه لنشر الفنون عنوان الجمال والسلام والراحة ورؤية أشكالنا الجميلة بحقيقتها، وسماع أصواتنا وأنغامنا الساحرة، كإحدى ضروريات تنمية وحضارة المجتمعات وتطورها ورقيها.
سنتجه اليوم وكلنا أمل صوب أول وزير للثقافة في بلادنا، من أجل أن يحمل معنا همَّ إنشاء (معهد سعودي عالي للفنون) أو أكاديمية تهتم بكل أنواع الفنون الثقافية الجميلة بدأً من الرسم، الفوتوغرافيات، النحت، التصميم، الديكور، الرقص، المسرح، الموسيقى، التمثيل، الغناء، والسينما، وغيرها من الأشكال الفنية والإبداعية والثقافية الأخرى)، المسألة لم تعد ترفاً كما كان يُنظر لها سابقاً، بل هي حاجة ثقافية وفنية مُلِّحة, ننتظر أن تضطلع وزارة الثقافة بدورها الكبير فيها بعد أن تأخرت في بلادنا لوقت طويل، فالمواهب الفنية لن تبزغ للنور ما لم تجد البيئة التعليمية الحاضنة لها، والرعاية المُنتظرة، كما هو حادث في الكثير من دول العربية المُحيطة بنا، التي استطاعت وضع خارطة ثقافية فنية أنتجت أجيالاً من عمالقة الفن والموسيقى والمسرح، في حين كانت تجاربنا تسير دون بوصلة علمية أكاديمية واضحة تقوم بالإشراف على هذه المواهب، وتأخذ بيدها للطريق الصحيح، لاستخدام الفن وتوظيفه من أجل مصلحة المُجتمع وخدمة قضاياه الحقيقية، وهو ما دفعنا ثمنه كثيراً.
ما زال للقصة بقية، عندما يتم منح المُمثلين والفنانين والمُبدعين السعوديين (درجاتهم العلمية) التي يستحقونها في التمثيل والغناء والنقد والإخراج والتصوير والديكور وإدارة الإنتاج.. إلخ، داخل وطنهم بدلاً من الاغتراب والبحث عنها في الخارج أولاً قبل الاعتراف بها محلياً، بفتح باب التنافس (للجنسين) للالتحاق بمثل هذا المعهد من أجل خدمة المجتمع، الذي يُدرك يوماً بعد آخر أهمية الوعي بالإبداع وضرورته ودوره في البناء والتعليم والتحضر والرقي الذي نستحقه.
وعلى دروب الخير نلتقي.