خالد بن حمد المالك
ما إن اقتربت ساعة الصفر لسقوط «الحديدة» ومينائها، وتحرير النظام الشرعي لها من عملاء إيران، حتى كانت الدوحة أسرع من طهران في التباكي على التطورات المتسارعة التي توشك أن تحسم المعارك نهائيًّا لصالح الشعب اليمني الشقيق؛ فقد ظهرت قناة الجزيرة القطرية في حالة استنفار وارتباك في أغلب برامجها، تستنجد في هلع العالم لمنع دخول القوات الشرعية إلى المدينة، والإبقاء على وضعها القائم تحت احتلال الحوثيين، وحجتها الكاذبة الخوف على المدنيين، سواء في المدينة أو الميناء.
**
قطر - كما هي إيران - لا تريد الأمن والاستقرار والهدوء في اليمن، وهما مَن يمولان الحوثيين بالمال والسلاح والتدريب، ويوفران الغطاء الإعلامي المزيف عن انتصارات وهمية ضد الجيش الوطني المدعوم من قوات التحالف؛ فإذا بنا الآن أمام بكائيات قطرية إعلامية، دون شعور بالذنب على الجرائم التي ارتُكبت بدعم إيراني - قطري تآمري على وحدة واستقرار وأمن اليمن الشقيق.
**
حكومة الشرعية كانت تحتكم منذ حدث الانقلاب إلى اتفاقيات وقرارات وتوافقات سابقة لمنع جر البلاد إلى هذه الحرب المجنونة. بينما المليشيات المتآمرة على الوطن، مدعومة في مغامرتها من قطر وإيران، كانت قد نكثت العهد والوعد، وأصرت على المضي بتآمرها، ونفضت يدها من أي اتفاق، وحوَّلت مدن اليمن ومحافظاته إلى ثكنات عسكرية، وجنّدت الأطفال وقودًا لهذه الحرب، وجعلت من المواطنين المدنيين بقوة السلاح دروعًا بشرية للحيلولة دون القضاء على ما لدى المتآمرين من إمكانات للمقاومة.
**
وقد جاءت الأخبار السارة أخيرًا بقرب تحرير الحديدة، واستعادة ميناء الحديدية على البحر الأحمر؛ لتقطع قوات الشرعية مدعومة بإسناد من قوات التحالف يد إيران الملوثة بدماء الأبرياء من أن تواصل إمداد الانقلابيين بالسلاح، كما ستحول دون قيام الحوثيين بالترصد للملاحة الدولية، وتبعد الخطر عن البحر الأحمر - كما أشار إلى ذلك سمو سفير المملكة في أمريكا - وبالتالي تكون الملاحة قد تم تأمينها في باب المندب؛ ما يعني بداية السقوط نهائيًّا للحوثيين، وعودة الشرعية لتحكم البلاد من جديد.
**
كما أن استعادة الشرعية لميناء الحديدة سوف تحرم الحوثيين من فرض الضرائب غير الشرعية، والإتاوات على السفن والشحنات التجارية، لتمويل اعتداءاتهم على المملكة والشعب اليمني؛ حيث تقوم إيران من خلال الميناء بتهريب الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التي أطلقت مليشيا الحوثيين أكثر من 149 منها باتجاه المملكة. كما عطَّل الحوثيون بسيطرتهم على الميناء وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني. إضافة إلى أن استعادة الشرعية لميناء الحديدة سوف تمنع هذه المليشيات العميلة من أن تشكِّل تهديدًا متزايدًا لأمن الممرات البحرية الحيوية للتجارة والأمن الدوليَّيْن.
**
وبينما تعاملت الشرعية مع بكائيات قطر على ما آل إليه وضع الحوثيين البائس بالتأكيد على أنها لن تقبل الابتزاز من أي طرف في مجلس التعاون، فقد أعلنت قوات الشرعية مدعومة من قوات التحالف - من مركز القوة - عن فتح ممرات إخلاء شمالي مدينة الحديدة لتمكين المليشيات الحوثية من إخلاء المدينة؛ إذ لم يعد أمامهم من قدرة للمقاومة، أو إمكانات لديهم لمنع استعادة المدينة، بعد أن فوتوا كل فرص الحوار السلمي والتفاهم سياسيًّا للوصول إلى حلول سلمية بعيدًا عن القتال.
**
الآن لم يبقَ أمام الحوثيين إلا القبول مجبرين بالجلوس إلى طاولة الحوار؛ للتباحث حول حفظ ماء الوجه لهم بعد هذه الهزيمة النكراء، والاستعداد للتعامل مع المبادرة الأممية بالقبول بها تطبيقًا لقرار مجلس الأمن 2216 وبكل شروطها المذلة لهم، وعلى أساس أنهم حزب سياسي يمني، وليس مليشيات تابعة لإيران. وما عدا ذلك فإن الخيار الوحيد أمامهم سيكون باتجاه الأسوأ والمستقبل الغامض المظلم.