على الرغم من عظم تلك الشخصية العالمية الفذة فإن الكلمات هنا لا تفي بمكنون الفؤاد، إلا أن عزاءنا بقصور ما نكتبه عن سيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز هو أن ما أسسه لنا خلال هذه السنة من توليه ولاية العهد - حفظه الله - من قيم ومنجزات على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية باقيةً لا تموت وتتحدث عن نفسها، سيظل ولي العهد الأمين الروح ما دمنا ماضين على الطريق الذي رسم لنا معالمه وبيَّن لنا سبل استهجائه والسير عليه، سيظل وجه السعد محمد العزم تتوارث الأجيال منجزاته جيًلا بعد جيل، سيظل ذلك الضمير الذي يعلم الجميع كيف يكون القائد قائدًا نحو المستقبل ونحو المجد الذي فيه عزها ورفعتها، لقد كان سيدي ولي العهد تاريخ أمة اجتمع لعقدين من الزمن عبر سلسلة من المناصب الوطنية الرائدة حتى أن تم مبايعته ولياً للعهد باتفاق غالبية هيئة البيعة، والتي عبر بها حتى بلغ بنا شاطئ المجد، نهض بنا إلى طريق التقدم والإصلاح ومشاريع التطوير والتحديث في مرافق المملكة كلها، لقد كان محمد العز والشموخ صديقاً للنهضة والإصلاح في المملكة الحبيبة، ولقد آتت العديد من مشاريع إصلاحه أكلها، وما زالت أخرى قيد البناء والعمل، وستؤتي - بإذن الله - ثمارها عما قريب.
إن شعور المواطن في جميع أرجاء هذه الدولة المباركة لم ينفك عن شعور الثقة والاطمئنان إلى مسيرة التاريخ في هذه البلاد تحت قيادة الملك سلمان - أيده الله - زعيم الأمة وإمام المسلمين، فمن دون أدنى إشكال هي علامة الثقة والاطمئنان التي يغتبط بها المواطن والمقيم في هذه البلاد، فهذه الثقة تزداد رسوخاً بمواصلة أمير الحب والوفاء والخير والنماء ولي العهد الأمين صِمَام الأمن والبناء المتين إلى طريق النهضة والتقدم واستكمال مشاريع البناء والتطوير، لقد كان حضور سيدي حضورًا ملهمًا للمشهدين الاقتصادي والثقافي على حدٍّ سواء، حيث اتجهت أعماله إلى حضورٍ قوي للمملكة على كافة المستويات من خلال ما سطره سموه في عمله الشامخ وعقله الراسخ، لقد كان صداها الثقافي والفكري والعلمي والمعرفي يتمثل في دعم جميع مكونات العالم دون النظر إلى شروط مسبقة، فصنع بذلك مفهوم مملكة الحب والاقتصاد والتقدم والرخاء والإنسانية والعطاء، فالمتابعون لما يسطره سموه خلال هذا العام حتماً سيعودون بخبرات ثرية حيث تمارس دورها التنويري والتنموي تحت غطاء اقتصادي معرفي تقني وشرعي متين.
لقد شهدت الدولة المباركة في حاضرها ملمحاً تطويرياً مهماً في الشأن العمراني والمعرفي والتقني والثقافي في أعمال جبارة أخاذة، وقد لمسنا طيلة هذه الفترة جملة الصفات والمناقب التي امتاز بها ولي العهد الأمين من خلق رفيع، وتواضع جمّ وسرعة في البديهة لا يضاهيها إلا روح دعابته ونقاء سريرته، ناهيك عن علم غزير وثقافة متعددة الجوانب، وفي تقديري أن هذا الأمر يستدعي منا جميعاً جهدًا منظمًا يشترك فيه فريق عمل يضم طائفة من العارفين بفكر ونهج الأمير اللامع محمد بن سلمان وذلك لتصدير تلك المناقب الثرية للأجيال.
صحيح أن سيدي ولي العهد قد ورث عن جده - طيب الله ثراه - عبد العزيز بن عبد الرحمن كل مقومات الشخصية الفذة، من حنكة سياسية ورباطة جأش، وقدرة فائقة على تحمل الأعباء والمسؤوليات الجسام، إلا أنه أضاف إلى ذلك كله ما يتفق مع تجربته الفريدة التي استقاها من الظروف العصيبة الحالية التي عاشتها المنطقة أخيرًا، إلى ذلك شغفه بالمعرفة في مختلف مناحيها وثقافته الموسوعية التي تجاوزت الشأن السياسي لتطال مجالات وحقولاً عديدة، في الفكر والأدب والاقتصاد والفلسفة والفنون، ناهيك عن إلمامه الواسع بكل ما يدور ويعصف في العالم على حد سواء.
هذا الكم الهائل من الموروث والمكتسب أفرز لنا شخصية (استثنائية) حقه، هيأت لنا فرصةً تاريخيةً في إمكانية لعب دور تاريخي متعدد الجوانب حيث اتضحت لنا بعد مساحاته وأبعاده وفوائده على شعب هذه البلاد الطاهرة خلال هذا العام المبارك الذي مضى، وهو الشيء الذي سيكون محل بحث ودارسة من قبل الباحثين والمؤرخين في مستقبل الأيام.
لقد استطاع سموه - حفظه الله - أن يعلي من شأن الدولة على كل المستويات سواء برؤاه الخالدة وأعماله العالمية العامرةِ النيرة.
فقد كان لزاماً على جميع شرائح المجتمع بلا استثناء واجب الوفاء والعرفان لهذا الولي الأمين حامي العرين من خلال هذه البيعة المباركة، وأن نسعى جاهدين لترجمة رؤاه وتطلعاته إلى خطة عمل وبرنامج تنفيذيةٍ تحقق شيئًا مما كان يدور في ذهنه، وتعمل في فكره تجاه حاضر ومستقبل أمتنا.
إن منجزات سمو ولي العهد الأمين - حفظه الله - باقية لتنير لنا الطريق، وإننا لنرى انه أصبح يقيناً أن هذا البلد محفوظ بحفظ الله وحكمة هؤلاء الرجال المخلصين.
أيها الساكن في كل القلوب إن ما حولنا شاهد على إخلاصك لوطنك ولشعبك في المملكة العربية السعودية، انه الشخصية الفذة، والأفق السياسي والإداري الواسع، والخبرات الفريدة النادرة، والحس الثقافي المتميز، وان الله سبحانه وتعالى وفق خادم الحرمين الشريفين لحسن الاختيار وأمثل الاصطفاء، وفضلاً منه سبحانه يهيئ فيه من يحفظ لبلاد الحرمين الشريفين أمنها وأمانها ويعلي شأنها.
حفظ الله ولي العهد محمد بن سلمان المؤمن الخير صاحب الفكر النير والنهج المتميز.