سلمان المسعودي
كان لابد من وضع الحديدة كهدف استراتيجي، منذ انطلاق عمليات عاصفة الحزم، في 25 مارس 2015م.
كان من شأن هكذا عمل، أن يسرع في مجريات الحرب، لصالح الشرعية - وهو ما أراده التحالف العربي منذ البداية - إلا أن جهات دولية، عارضت حينها، أي عمل حربي، تكون الحديدة مسرحه العسكري، لعدة اعتبارات، قيل إن منها، ما هو إنساني بحت!
تغير المعطى الدولي، بعد قدوم ترامب، وخاصة، بعد انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، وسياساته الأكثر صرامة، في التعاطي مع الملف الإيراني في المنطقة.
تعد الحديدة مدينة غاية في الأهمية، وتحوي ثاني أكبر ميناء في اليمن، بعد ميناء عدن؛ وهو منفذ استراتيجي، على الملاحة الدولية، ويسيطر على أكثر من 70 في المئة من واردات الدولة.
في ظل التطورات الأخيرة، في المشهد اليمني، ووصول قوات الشرعية، والتحالف العربي، لتخوم المدينة الساحلية، وتضييق الحصار عليها، فإن المدينة باتت ساقطة عسكريا، والمسألة، مسألة وقت فقط.
لن يكون الوضع، ما بعد تحرير الحديدة كما كان قبله، فالحديدة مدينة حيوية، لها ما بعدها من استحقاقات عسكرية، وسياسية، ووقوعها بيد التحالف العربي، يعني قطع الشريان الحيوي الوحيد، والأخير، المتبقي للحوثي على العالم الخارجي، والمياه الدولية.
سقوط الحديدة، يعني حرمان الحوثيين من المعدات، والسلاح الثقيل المهرب عبر البحر، بما فيه الصواريخ البالستية الإيرانية، والتي ظلت تستخدمها ميليشيا الحوثي، ضد أراضي المملكة العربية السعودية، طيلة سنوات الحرب الماضية.
أيضاً، سيحرم هذا التطور العسكري الحوثي، من ملايين الدولارات، والتي كانت تجبى له كضرائب، ورسوم من خلال الحركة التجارية، للميناء اليمني الأهم، على البحر الأحمر.
وهو ما يعني عجزاً مالياً، ولوجستياً كبيراً، على كل الجبهات الحوثية، وهو ما سيخلق له، مشاكل كبيرة، في تغطية نفقاته الحربية.
أيضاً سيعمل هذا النصر على وقف ما يعرف بالمال السياسي، والذي كان يستخدمه الحوثي، لشراء الولاءات، والذمم، لبعض الأطراف اليمنية المختلفة.
إلا أن وقع الهزيمة المعنوي، والنفسي، يفوق كل الخسائر المادية، والعسكرية مجتمعة، فالحوثي، فضلاً عن القمع والترهيب الذي يمارسه ضد الشعب اليمني، فإنه قد اعتمد على الايديولوجيا، والوعود الكاذبة، كنوع من الدعاية الحربية الموجهة، وخسارة مدينة بأهمية، ومكانة الحديدة، سيعجِّل بكشف الزيف، والدجل، الذي استخدمه الحوثي، وراهن عليه كثيرا، في كل حروبه السابقة.