د. منصور بن صالح المالك
لا أعرف تركي آل الشيخ شخصياً ولم ألتقِ به في حياتي. ولا علاقة لي بالرياضة أو الوسط الرياضي أكثر من كوني محباً لنادي الشباب وهو على كل حال حب المقصر. أقول هذا حتى لا يقفز أحدهم ويقول إنني أدافع عن تركي آل الشيخ فأنا لا أدافع. هو يعمل وهو يصيب وهو يخطئ وهو لم يقل إنه لا يخطئ، ولو قال ذلك لأدرنا له ظهورنا. لكن دعونا ننظر بموضوعية لواقع الرياضة السعودية.
جاء تركي آل الشيخ للسباق في الساعات الأخيرة فوجد أن سيارة السباق التي سينافس بها هي سيارة قديمة مهترئة. ووجد أنها بدون محرك وبدون قلب. اكتشف الحقيقة المرّة ولكنه قرر المضي في التحدي وهو تحدٍّ لابد أن نكسبه جميعاً ومن أجل الوطن.
منتخبنا لكرة القدم يستطيع أن يتأهل لمسابقة كأس العالم لكنه لا يستطيع أن يقدم شيئاً في المحفل الدولي دع عنك المنافسة على مركز متقدم. ولهذا قصة لابد أن نطرحها هنا.
الأندية السعودية تكونت في البداية على أسس خاطئة واستمرت عليها حتى يومنا هذا. رئيس النادي ليس مختصاً في الإدارة ولا في الاستثمار المالي ولا في القانون هو فقط مشجع. نعم الشهادة الوحيدة المطلوبة هي أن يكون مشجعاً للنادي. وهو يعمل تطوعاً في النادي فهو ليس محترفاً. ويضم معه مجلس إدارة من مشجعين آخرين للنادي يعملون بدون مقابل. الرئيس لا يلتقي بأعضاء مجلس إدارته إلا في مناسبات قليلة. العمل ارتجالي وبدون محاسبة وبدون رقابة وبدون تنظيم ملزم.
جاء تركي آل الشيخ فوجد أن الوضع كارثي. أندية تئن تحت ديون تقارب المليار ريال وقضايا لدى الفيفا تتجاوز قضايا كل أندية العالم وتضعنا وسمعتنا الرياضية في منطقة الخطر. أندية كبيرة مهددة بالهبوط. وأندية لا تستطيع الحصول على رخصة المنافسة الدولية. لاعبون لم يستلموا مستحقاتهم من شهور وعاملون لم يستلموا رواتبهم ومقرات تعاني من الإهمال وافتقارها لأبسط المواصفات الهندسية ومتطلبات السلامة.
ما قام به تركي آل الشيخ يشبه ما يحدث في غرفة الطوارئ في مستشفى ما. أولاً يجب إنقاذ المريض ثم يوضع تحت خطة طويلة للعلاج. الرياضة عندنا بحاجة إلى علاج على مستويات عديدة من النادي إلى الإعلام الرياضي إلى الترابط بين النادي والمجتمع. فالعلاقة بين المجتمع والوسط الرياضي ضعيفة وتشوبها الشكوك وعدم القناعة. وحتى الهيئة العامة للرياضة نفسها بحاجة إلى تجديد وفرض أنظمة للمراقبة والمحاسبة. وحتى ذلك الحين دعونا نستمتع بالمنافسة ولكن بدون طموح.
almalikmansour@gmail.com