د. منصور بن صالح المالك
زرت الأردن مرات قليلة.. التقيت بأطياف من الشعب الأردني.. مسؤولين ورجال أعمال وأساتذة جامعات وشباب طموح. الأردنيون مثقفون وواعون ومحبون لوطنهم. لكن هل هؤلاء الذين خرجوا في احتجاجات الأسبوع الماضي هم فعلاً الأردنيون الذين التقيت؟
الاحتجاجات كانت إلى حد كبير هادئة ولم تحدث احتكاكات تذكر مع رجال الأمن والمحتجون كانوا يقومون بتنظيف المكان بعد نهاية الاحتجاجات. وهذه صورة طيبة لكن هذا لم يمنعني أن أسأل هل هؤلاء هم الأردنيون الذين التقيت... الأردنيون المثقفون الواعون المحبون لوطنهم؟ بفرض أن المظاهرات والاحتجاجات كانت لصالح الأردن كما يقولون نقول وماذا لو خرجت هذه المظاهرات عن السيطرة؟ ماذا لو حدث إطلاق نار أو تفجير؟ ماذا لو سالت دماء؟ المظاهرات تبدأ سلمية هادئة ثم تتحول إلى عنف وقتل. رأينا هذه في كل الدول العربية التي طافها ربيع الفوضى العربي.
هل يمكن لشعب متعلم ومثقف يرى ماذا حل بسوريا وليبيا واليمن أن يسير بنفس الخط؟ هل يمكن لشعب يئن من الأوضاع الاقتصادية ومن البطالة وانعدام الفرص أن يقرر السير في نفس الخط الذي يؤدي إلى الفوضى والدمار والتهجير؟
أجزم أن هناك أطرافاً داخل الأردن وخارجه كانت تريد إشعال الفوضى وتريد أن تغير خط الأردن السياسي المعتدل إلى خط دعم الإرهاب ونشره. يؤكد كلامي هذه ما نشرته وتنشره قناة الجزيرة. فخلال فترة الاحتجاجات كانت قناة الجزيرة تستضيف من تسميهم محلليها ليقولو إن الخروج من الأزمة يستلزم تغيير الأردن موقعه السياسي للانضمام إلى تركيا فهي الأقدر مالياً وسياسياً وعسكرياً. وأنا لست هنا لتفنيد هذا الكلام فهو لا يستحق حتى تفنيده لكن هم كشفوا أنفسهم. مراسلو الجزيرة ومذيعوها ذهبوا أبعد من ذلك في ضرورة التصعيد ورفع سقف المطالب وصولاً إلى تغيير النظام بحجة أن رئيس الوزراء في نهاية المطاف هو موظف في الترتيب السياسي في الأردن.
قناة الجزيرة شجعت ودعمت المظاهرات في العالم العربي من مصر وليبيا إلى سوريا واليمن والقائمون على قناة الجزيرة لا ينكرون هذا بل يفاخرون به بحجة أنه دعم للشعوب. هذا الدعم للشعوب لم نره في مظاهرات إيران ولا مظاهرات الأكراد.. وبالتأكيد لن نراه في مظاهرات تركيا.