محمد سليمان العنقري
لم تهدأ الحرب التجارية بين أمريكا وكبار شركائها التجاريين من دول أوروبا وكندا والصين كما كانت التوقعات قبل شهرين حتى اشتعلت بأكبر مما كان متوقعاً حيث كانت الآمال معلقة على المفاوضات بين أمريكا والصين من جهة وكذلك ما كان مأمولاً أن تحققه قمة السبعة الكبار في كندا قبل أيام قليلة من تهدأة تفتح الباب حول تفاهمات ترضي الأطراف فيما يمنع التوسع بالحمائية التجارية الدولية.
فقد وسع الرئيس الأمريكي حجم الواردات الصينية التي سيفرض عليها رسوماً إضافية بمقدار 25 في المائة الى 50 مليار دولار وبالأمس أعلن أيضاً أنه يستهدف واردات صينية بقيمة ستصل إلى 200 مليار دولار حسب ما نقلته وكالات أنباء عالمية مما يعني أن الحرب التجارية بدأت تدخل منعطفاً خطيراً سيخرج أثره عن الدولتين أو أي دولة ممن استهدفتها أمريكا برسومها الإضافية ليكون الأثر عالمياً وهو ما عبر عنه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضاً بقلق حول مصير نمو الاقتصاد العالمي الذي سيدخل مرحلة اضطراب شديد إذا استمرت هذه الحرب التجارية بل إن بعض التقارير من مؤسسات عالمية دولية ذهبت لأبعد من ذلك وقالت إن الاقتصاد العالمي «سيدخل مرحلة ركود بنهاية عام 2019 م» على أبعد تقدير وهو ما يعد كارثة بكل ما تعنيه الكلمة لأن العالم للتو استفاق من أزمة عام 2008 المالية التي كلفت أكثر من 70 تريليون دولار أمريكي مما يعني أن أي ركود اقتصادي دولي سيؤدي لأزمة مالية واقتصادية أوسع نطاقاً من سابقتها لأن الدول الكبرى لم يعد لديها ذخيرة كافية للتصدي للأزمات الكبرى بعد عشرة أعوام من الجهد الكبير لاحتواء تلك الأزمة.
إن عدم توقف الحرب التجارية والاستمرار بتوسعها بين تلك الدول الكبرى سينتقل أثره السلبي إلى بقية الاقتصاد العالمي وسينخفض الطلب على السلع والخدمات مثل النفط والمنتجات البتروكيماوية وكذلك النقل وغيرها من القطاعات الرئيسة بكل دول العالم وهو ما سيكبد الدول خسائر كبيرة تضطرها لمراجعة خططها الاقتصادية للتصدي لمثل تلك الأزمات المحتملة ويترافق ذلك مع رفع أسعار الفائدة على الدولار مما يعد عاملاً سلبياً إضافياً لكثير من الدول التي تعوم عملاتها من الاقتصادات الناشئة تحديداً مما سينعكس بأزمات مضاعفة عليها مع سياسة الدولار القوي حيث لم تثبت تلك الدول قدرتها على مواجهة تداعيات انهيار عملاتها كما يحدث مع الأرجنتين وتركيا حالياً.
حجم التجارة الدولية يفوق 20 تريليون دولار وكانت داعماً بنموها لتحسين نمو الاقتصاد العالمي الذي يبدو حالياً مرشحاً لمزيد من التدهور إذا لم يتم إيقاف هذه الحرب التجارية الخطيرة ويبقى الحل في قيام مجموعة العشرين بدور ريادي للجم هذه الحرب كونها هي المجموعة التي تكاتف أعضاؤها لاحتواء أزمة 2008 ومعالجة تداعياتها ومحاربة الحمائية التجارية كأحد أهم مقررات قممها السابقة.