«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
لا يكاد يمر يوم إلا ويذاع خبر إصابة أو مقتل مواطن يمني بسبب لغم زرعته ميليشات الحوثي، بعد خساراتهم المتتالية أمام تقدم قوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي، حتى أصبحت اليمن أحد أكثر الدول تعرضًا لكارثة زرع الألغام مُنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تجاوز إجمالي الألغام التي زرعتها الميليشيات في المُدنِ اليمنية نِصفَ مليونِ لغم.
وتشكِّل هذه الكمية المهولة من الألغام خطراً مستداماً على حياة المدنيين، يتضاعف مع تعمد ميليشيا الحوثي، زراعة الألغام المحرمة دوليًا بشكل عشوائي وكثيف في المناطق التي يتم طردها منها، بل حتى في المنازل، والطرق والمرافق العامة.
وتتنوع أشكال الألغام التي يقوم الحوثيون بزرعها، فمنها ما هو صناعة يدوية على شكل صخور إذا كانت المنطقة جبلية، وعلى شكل كتل رملية، إضافة إلى الألغام المعروفة الأخرى بكل أنواعها.
وتتعمد مليشيات الحوثي زرع الألغام والعبوات الناسفة بشكل عشوائي في الطرقات والمنازل والمزارع من المناطق التي يتم طردها منها دون مراعاة للمدنيين من أطفال وشباب ونساء وكبار السن.
وأظهرت تقارير حقوقية محلية ودولية، أن مليشيات الحوثي زرعت أكثر من نصف مليون لغم في المحافظات اليمنية المحررة، بينها ألغام محرمة دولياً أودت بحياة المئات من المدنيين، وتسببت في آلاف الإعاقات الدائمة لآخرين.
ويومياً تتضاعف خسائر اليمنيين ويدفع المدنيون فاتورة باهظة، فالحوثيون لغموا البر والبحر، ليحرموا المزارعين والصيادين من ممارسة أعمالهم، مرتكبين أبشع جرائم الحرب بانتهاكهم الصارخ للقوانين الإنسانية، فهناك عدد من الاتفاقات الدولية التي تنظّم، أو تحظر استخدام الألغام الأرضية ومخلفات الحرب القابلة للانفجار.
وتعد هذه الاتفاقات جزءًا من القانون الإنساني الدولي الذي يهدف إلى الحدّ من آثار النزاع المسلح لأسباب إنسانية، ومن هذه القوانين اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد «اتفاقية أوتاوا» الموقعة 1997، دخلت حيِّز النفاذ في مارس 1999، وفي مارس 2007 بلغ عدد الدول المصدَّقة على الاتفاقية أو انضمت إليها 153 دولة، وفرضت الاتفاقية حظراً كاملاً على الألغام المضادة للأفراد، بعد مفاوضات قادها تحالف قوي وغير عادي اشتركت فيه عدد من الحكومات، والأمم المتحدة، ومنظمات إنسانية دولية، من خلال شبكة معروفة باسم الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، ويلتزم الموقعون على الاتفاقية بعدم استخدام أو تطوير أو إنتاج ألغام أرضية مضادة للأفراد، وتدمير -خلال أربع سنوات- جميع مخزون الألغام، وإزالة -خلال عشر سنوات- كافة الألغام المزروعة.
من جهته يواصل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنفيذ مشاريعه لمساعدة الشعب اليمن على التخلص من ألغام الحوثي ونتائجها الكارثية، ومن ذلك مشروع دعم مراكز تأهيل المصابين والأطراف الصناعية، الذي نفذته اللجنة الدولية للصليب الأحمر ICRC بأكثر من 10 ملايين دولار.
ويولي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية اهتمامًا خاصًا بضحايا الألغام من المدنيين الأبرياء، وفضلًا عن المساعدات الطبية والعلاجية، يقدم المركز مشروع دورات تثقيف حول مخاطر الألغام وخدمات الدعم النفسي للأطفال والأسر المتضررة، بهدف إنقاذ حياة اليمنيين وخاصة الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات، من خطر مزارع الموت التي يخلفها الحوثيون وأتباع المخلوع صالح في كل مكان سيطروا عليه قبل أن يستعاد من سيطرتهم ويتم تحريره على يد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بإسناد من قوات التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.