مها محمد الشريف
إن قدر بعض الدول العربية والخليجية أن يكون موقعها الجغرافي بالقرب من حدود إيران الدولة الراعية للإرهاب، ففي كل مكان تجد مهمة سياسية معادية، وهو ما شجع مفهوم الإرهاب ونشره على نطاق أوسع أرهبوا به الدول الآمنة وأشاعوا النزاع الطائفي وباع الحوثي ولاءه ووطنه لملالي إيران، وأفسحوا المجال لقوى غير مسؤولة ومهدوا الطرق لفئات غير مثقفة لا تعي مصالح حكومتها وشعبها لتستسلم لهم وتسير خلفهم.
في اليمن، حيث التنافس الشديد على السلطة من الحوثيين وتدني نضجهم جعلهم يحاربون من أجل السيطرة على عدة مدن ومرافق حيوية في الدولة بتجييش من نظام طهران وانقلبوا على السلطة الشرعية، وأفضى ذلك إلى الفشل الذريع وتخطيط ينطق بحرب بائسة، فالرحيل قد أزف والنهاية أوشكت على الاكتمال .
تلك الأحداث أخبرت أن التحالف بقيادة السعودية أعادت مطار الحديدة إلى السلطة الشرعية وتقدّمت نحو هدف كامل، وسلكوا الطرق الوعرة وضحوا بأرواحهم الزكية ليصلوا إلى المدنيين المحتجزين من قبل الحوثيين ووزعوا عليهم من مركز الملك سلمان للإغاثة سلالاً غذائية في محافظة الحديدة، على الرغم من تعنت الحوثيين ولكن بإذن الله النصر قريب.
ويمكن الإقرار بأن الإشارات الإيرانية الموجهة للحوثي مشوشة وقابلة للارتداد من حيث تُرسل، وسيتحتم عليها عدم التدخل في شؤون دولة مستقلة حرّرت أرضها من مليشيات مدعومة من دولة الإرهاب، ولن تذعن أبداً لها بعد تحريرها، وبناءً على ذلك، فإن الأدوات كلها تدفع الحوثيين للرضوخ إلى حل سياسي.
وهكذا، فإن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يثني على «الأدوار الكبيرة التي تتبناها قوات تحالف دعم الشرعية من أجل إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة من قبضة الميليشيات الحوثية». وكما سلفت الإشارة، فإن استعادة أي نفوذ يستند على التحالف والعمليات العسكرية وتحييد الشعب يكون بالضرورة من مصلحة اليمن وحكومته وشعبه، ودعا نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر سكان الحديدة إلى «الانتفاض في وجه الميليشيات ومساندة القوات الشرعية».
من هنا نؤكّد أن ثقافة الشعوب تفتح الأبواب المغلقة أمامهم، وتحرّرهم من الخضوع لمساومة الأعداء، ومخالفة أفكارهم، والوثوق بحكومتهم وجيشهم والتحالف معه كي يتحدى عدائية طهران ومليشياتها ويكون أكثر تقدماً ووطنيةً من أجل زعامة سياسية مستقرة لا تخضع لأحد.
وسرعان ما يدرك المرء أن النمط السيكولوجي بكل وظائفه يقود إما للخروج من الحياة السياسية الاستعمارية بروح سليمة متعافية، أو يظل يعيش النمط نفسه دون تغيير من أجل شكليات قديمة وانعدام السبيل إلى الموارد والحقوق، لذا تكون هناك عدة خيارات فائقة الأبعاد نجدها تهدد بين الفينة والأخرى سكان المدن الذين تعرضوا للترهيب والجوع والتهجير من منازلهم ومدنهم، في انتظار انتهاء الحرب وانفراج الأزمة.
لقد علم أولئك المجرمون أن هناك خيانة في أعماقهم وعملاء وجواسيس ضد وطنهم، وفي ساحات الوغى نضال ضد من سرق الإنسانية ونهب الضمائر البشرية، ونقل ملاحم البؤس والظلم للناس، وحوّل الاستقرار إلى سلسلة من الانتقام الجماعي وهروب إلى حياة سادية أكثر رعباً، ولكن ساعة النهاية تخبرنا أن سقوط المئات من قتلى الحوثيين ستلقنهم درساً لن ينسوه أبداً.