إن العلاقات السعودية - الإماراتية ضاربة في جذور التاريخ، وعميقة للحد الذي لا يمكن مقارنتها بأي علاقة أخرى لما لهذه العلاقة من خصوصية عالية ولأنها تجسد الحالة المجتمعية الواحدة بين شعبي البلدين إلى جانب تطابق الرؤى والأهداف بين الدولتين على امتداد التاريخ، فقادة البلدين يرتبطون بعلاقات لا مثيل لها، ولم يحدث أن كانت هناك أية شوائب يشار لها بين السعودية والإمارات بل على العكس ظلت العلاقة تشبه علاقة أهل البيت الواحد إن اختلفوا فهو لمصلحة بعضهم البعض ويكون ذلك في وجهات نظر محددة ولا تؤثر في عموم العلاقة، بل إن أمر الاختلاف في وقتها يكون حول تفاصيل صغيرة قد يحدث الاختلاف حولها بين أبناء البلد الواحد، وهذا إن حدث، مع العلم أن العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دائماً في وئام وانسجام، وللبلدين وجهات نظر متطابقة إلى حد ما وسياسة متوافقة حول الكثير من القضايا، ولذلك كان من الطبيعي أن تتوج هذه العلاقة الطيبة بين أهل البيت الواحد بتأسيس المجلس التنسيقي السعودي - الإماراتي الذي يحمل بداخله بشائر خير لشعبي البلدين، وقد سرني في العاصمة الرياض تلك اللافتات واللوحات والمظاهر الموجودة في كل مكان التي تحتفي بالمجلس الذي جاء بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، «حفظهما الله»، وعزز انطلاقته ودفع بأعماله إلى الأمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وسمو الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال اللقاء الذي جمع بينهما مؤخراً في جدة، وأسفر عن إطلاق حزمة من المشاريع التي تقود البلدين إلى التكامل بمشيئة الله، وهو اللقاء الذي لقي أصداء واسعة وكان محل حفاوة أبناء وبنات هذين البلدين، خصوصاً أنه يجيء بعد عقد مجموعة كبيرة من الاجتماعات واللقاءات أثمرت عن توقيع اتفاقيات تشمل جميع المجالات للانطلاق بالعلاقة بين البلدين إلى مجال أرحب وفضاء أوسع يلتقي فيه أبناء الشعب الواحد إن صح التعبير ليقودوا «السعودية والإمارات» إلى المعالي كما هي عادتهما.
وهذا ليس بصعب في ظل القدرات الهائلة التي يمتلكها البلدين سواء من ناحية الكفاءات البشرية أو المساحة الجغرافية الكبيرة أو الإمكانات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والحضارية التي نضاهي بها بلدان أخرى.
لقد أضحت العلاقات السعودية الإماراتية مثالاً يحتذى به، بعد أن بلغت مرحلة متقدمة وغير مسبوقة بين الدول، مما يطمئن أبناء البلدين على أن الأمور ستبقى تصب في مصلحة بلدينا الإمارات والسعودية ولن تعود العلاقة إلى أقل من ذلك على الإطلاق بفضل من الله، ثم لأنها لم تكن وليدة اللحظة بل لها جذور تاريخية عميقة قادتها لتبلغ هذه المرحلة، وكل من يتابع ويتتبع العلاقة بين البلدين في كل المراحل التاريخية التي مضت سيدرك أن ما وصلت إليه الآن أمر طبيعي وتتويج للأسس التي بنيت عليها هذه العلاقات منذ ما قبل تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج وحتى في المرحلة اللاحقة للتأسيس.
واليوم لم يعد هناك فرق بين شعبي البلدين وهم كما أسلفت أهل بيت واحد وسيبقون كذلك بإذن الله وفضله عز وجل ولن تؤثر عليهم أية محاولات يسعى خلالها الحاقدون على البلدين للتأثير وضرب العلاقات في جهل منهم إلى عمق ما يربط بين السعودية والإمارات.