يوسف المحيميد
في معظم الدول في العالم يوجد الغش التجاري بصيغ مختلفة ومتنوعة، وفيها الكثير من الأساليب المبتكرة وطرق التحايل الجديدة، وغالبا ما يكون محترفو الغش مبدعين في أساليبهم، ويتخذون خططًا يصعب اكتشافها، بل ويحتاطون كثيرًا قبل الإقدام على أي عمل فيه نصب واحتيال، ويعرفون جيدًا العقوبات المفروضة عليهم لو تم اكتشافهم، وهم يدركون جيدًا أنهم سيكونون تحت طائلة القانون الذي لا يرحم أبدًا تجاه مثل هذه الأعمال التي تدخل ضمن عمليات التزوير والاحتيال.
أقول في معظم الدول ذات المؤسسات المدنية والقانونية، لكن الأمر عندنا مختلف كثيرًا عن الآخرين، ظللنا سنوات طويلة لا نعرف من حماية المستهلك غير اسمها، ونعتقد أن المستهلك شخص غريب لا نعرفه، وهو ليس منا حتما، ثم ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي، وبدأت الجهات الحكومية تظهر إنجازاتها، من بينها وزارة التجارة والاستثمار، ومن حقها أن تفعل ذلك، ثم أصبحت هذه الجهات ومن بينها التجارة تستقطب من يسمى بالمؤثرين الذين يتابع حساباتهم مئات الآلاف وربما الملايين، كي يروجوا لإنجازات الوزارة، ففي كل يوم يتحفنا أحد المؤثرين أو المنتفعين عن اكتشاف حالة غش تجاري، وربما آخرها مصنع للعسل يستخدم فيه زيت السيارات، بمعنى أن المواطنين كانوا يرتشفون ملعقة زيت سيارات على الصباح بدلا من العسل، ولا أعرف مدى صحة ذلك المقطع، ولكن إن كان صحيحا، فهو كارثة حقيقية، بأن يصل الغش التجاري إلى هذا الحد من الاستهتار والتهاون، وهو أحد أمرين، إما أن الأمر يقتصر على إغلاق المحل وغرامة مالية، وهو أمر سهل لمن تاجروا بصحة الإنسان، أو أنه ينتهي بعقوبة طرد هؤلاء العمالة إلى بلدانهم، وهذا لا يكفي، ولا بسبب الهيبة على المملكة وأنظمتها، لذلك يجب أن تعلن عقوبات المتلاعبين بصحتنا، وسجنهم عدة سنوات، والضرب بيد من حديد على كل حالات الغش التجاري المنتشرة في كل مكان، وألا تكتفي التجارة بالكشف عن هذه الحالات، بل لا بد أن تنسق مع الجهات الأمنية المختصة، وتتابع العقوبات المتخذة، وتنشرها في الإعلام، حتى تتناقص هذه الوقائع المخيفة لهذا الغش، خاصة حينما يتعلق الأمر بصحة الإنسان. ولو كانت هناك مؤسسات مدنية، وجهات قضائية مستقلة، لاستطاعت أن تطارد هؤلاء قضائيا، حتى تكسب الحكم عليهم باسم المواطنين والمقيمين المتضررين من غشهم واحتيالهم.