فوزية الجار الله
كنا بانتظار حلول هذا الوقت المميز، هذا اليوم الذي سيشهد تنفيذ قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة، انتظرناه بكثير من الشغف والوله والتأمل والتفاؤل، نحسب الأيام وننتظر، ورغم ذلك لا أدري لماذا اجتاح البعض منا بما فيهم أنا، لكن بصورة مختلفة، أصابنا إحساس بأنه قد داهمنا فجأة ولذلك أسباب أولها: أن الزمن يمضي سريعاً في غمرة انشغالنا، ثانياً: أنه قرار أشبه بالحلم، حين تحقق هذا القرار كان شبيهاً بالحلم الذي يصعب تصديقه ربما لأنه استغرق سنوات طويلة من الجدل والنقاش بين أطياف المجتمع المختلفة، ما بين مؤيد ومعارض، حتى أنني منذ حل اليوم العاشر من شوال من عام 1439هـ وأنا أهرع إلى النافذة ألقي نظرة إلى الشارع وأتخيل بأنني سأرى مشاهد لم أرها قبلاً في مدينتي -الرياض- إلا أنني لم أر شيئاً غريباً المشهد كان كالمعتاد، ليس إلا نسمات الصيف الحارة وبضع سيارات تعد على أصابع اليدين، تمضي على مهل. بالنسبة لي شخصياً حل الموعد ويا للأسى لم أتعلم القيادة بعد بشكل احترافي، ربما لأن القيادة لم تكن أمراً مسموحاً به فلم أكن أجد في نفسي حماساً، حيث أن القيادة بحاجة إلى ممارسة وإذا لم تتم فسوف أنسى ما تعلمته منها، أتذكر منذ سنوات وأثناء تواجدي مع العائلة خارج الرياض في إحدى المناطق الصحراوية المكسوة بالرمال أبدى أحد أشقائي استعداداً لتعليمي لكنه كان تعليماً أشبه بالعبث لم يتجاوز تلك اللحظة ولم أشعر بأنني أنا من يتحكم بمقود المركبة.
وجاء يوم القرار تذكرت حينها بأنني لست على استعداد، الأمر الذي أتقنه إلى حد كبير هو قيادة الدراجة الهوائية وأحب قيادتها في الطرق الخالية على سبيل الرياضة لا أكثر.
يوم الأحد الماضي كان يوماً عجيباً مدهشاً لا أدري لماذا يعتقد البعض بأنه يمكن الحكم على نجاح تنفيذ القرار من خلال مرور يوم واحد، طبعاً هذا أمر مستحيل، لأسباب كثيرة فنحن في فترة الصيف وهي فترة راكدة نسبة إلى بقية العام، إضافة إلى أن كثيراً من النساء لم يتلقين تدريباً بعد، هذا عدا أن أخريات لا يرغبن في القيادة لوجود السائق أو لأسباب صحية أو اجتماعية، اقتصادية أو عائلية، وربما بعضهن ترغب تأجيل الأمر حتى يصبح أمراً معتاداً وهو أمر طبيعي، تلكم رهبة التجربة الأولى. ورغم كل ما ذكرت أنا مع الرأي القائل بأن حق المرأة في قيادة السيارة هو حق حرمت منه طويلاً وآن لها أن تمارسه بشكل طبيعي جداً بكثير من التحضر والعقلانية، حيث تساعد القوانين والقواعد المنظمة للقيادة التي تشمل الجنسين بشكل فعال على وضع حد لكافة التجاوزات لنصل إلى قيادة آمنة لكلا الجنسين دون مشكلات.