عبد المحسن سعد العتيبي
هذا هو شعب كلنا سلمان وكلنا محمد يسجل أروع ساعات انطلاقة اليوم السعودي لقيادة المرأة للسيارة في العاشر من شهر شوال من العام الهجري 1439 هذا اليوم التاريخي الذي أصبح حديث الساعة، يحق للإنسان السعودي أن يفتخر بوجود قيادة حكيمة بنت قرارها على ما رأت من المصالح الراجحة في هذا الموضوع حسب ما أكدته الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء والذين أشاروا إلى مسألة أصولية مفادها «بأن الأصل الإباحة» كما أنها أي القيادة ليست إجبارية وإنما هي حق لمن أراد ولمن هو مضطر.
وكم يسعد الإنسان عندما يرى أمه أو أخته أو زوجته أو جارته أو قريبته أو غيرها تقوم بخدمة نفسها بنفسها بدلاً من جحافل السائقين الذين يشكرون على ما قدموا خلال السنوات الماضية عندما كانوا يتولون دفة القيادة للمرأة ولغيرها في هذا الوطن الغالي.
إن المثلج للصدر هو استقبال هذا الحدث التاريخي بشكل لم يسبق له مثيل فكثير منا يذكر الضجة على مسالة وجود الراديو أو مدارس البنات أو حتى شرب القهوة ولبس البنطلون أمام الزوج وغيرها الكثير من المستجدات على المجتمع فقد استقبل الشعب السعودي هذا الحدث بالفرحة وقدمت الهدايا للبعض من داخل المملكة ومن من دخلن الحدود السعودية من بعض دول الخليج العربي.
بل إن بعض الآباء والأزواج والإخوان كانوا مع بناتهم عندما بدان في الساعة الصفر من اليوم الأنف الذكر.
وهذا هو المتوقع من شعب يعتقد أن المرأة جزء لا يتجزأ منه فهي تشاركه الهموم كلها ويعدها المدرسة الأولى له وقد حث ديننا الإسلامي في أصله إلى معاملة المرأة معاملة راقية يندر أن تجدها في أي مجتمع من المجتمعات فقد قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- إنهن «شقائق الرجال وأمر بالرفق بهن والإحسان إليهن في أكثر من موضع.
لقد تشرفت في يوم انطلاقة قيادة المرأة للسيارة وبعد حفل المعايدة في جامعة الملك سعود، والذي كان على شرف معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر بلقاء عدد من قادة الفكر والتربية، وكان الحديث عن قيادة المرأة للسيارة، وقد أشاد البعض بما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن أن هذا القرار جاء في مصلحة الوطن كله وأن المستفيد الفعلي هو الرجل قبل المرأة لأن قيادتها للسيارة سوف تخفف أعباء كثيرة كان البعض يتحملها هذا ولاشك أن مسالة قيادة السيارة لها مردود اقتصادي كبير، وكذلك مردود اجتماعي رهيب فالقيادة ليست ترفا وإنما حاجة ملحة خاصة في هذا العصر الذي تطلب تمكين المرأة من المشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030 الواعدة.
ولعله من نافلة القول أن نشير إلى أن المرأة السعودية تقود السيارة في داخل المملكة وفي عدد من الدول العربية والإسلامية والعالمية منذ بداية عصر موجات الهجرة إلى الشام وبعض الدول المجاورة، وكذلك أيام البعثات الأولى إلى أوروبا وأمريكا وغيرها من الدول وقد أحسن المرور فعلا في قراره بالأخذ بالرخص الصادرة من أي بلد في العالم على شريطة فحص النظر واختبار القيادة العملي على أرض الواقع وقد حصل عدد كبير من النساء على الرخصة قبل ذلك اليوم التاريخي، وقد سجل التاريخ للبعض أوائل من حصل على الرخصة على المستوى العائلي والوطني من النساء.
إن حماية الوطن شأن حكومي، ولهذا وافق مجلس الشورى على مشروع نظام مكافحة جريمة التحرش الذي أعدته وزارة الداخلية بناء الأمر السامي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم، حيث صاحب هذا الأمر قرار قيادة المرأة للسيارة وقد بني المشروع من 8 مواد ويهدف إلى مكافحة جريمة التحرش وتطبيق العقوبة على مرتكبيها، وقد تصل العقوبة إلى أكثر من 5 سنوات سجن وأكثر من 300 ألف ريال غرامة.
الأمنية ألا تلجأ الدولة إلى تطبيق النظام وأن يكون الجميع عند حسن ظن القيادة بهم فالعقوبة وضعت لردع العبث بالأنظمة واللوائح والإخلال بالأمن العام والمتوقع من المجتمع السعودي أن يكون مناصرا لشقيقته المرأة في كل شي، خاصة أن المرأة سوف تشارك في التنمية التي تعيشها المملكة فالثقة كبيرة جدا في شباب الوطن وقد لاحظت عندما عملت في الملحقية الثقافية لدى الولايات المتحدة الأمريكية في بداية القرن الحالي 2000م تفاني شبابنا في خدمة المبتعثات بشكل ملفت للنظر.
إن جهاز المرور مطالب بتكثيف التوعية بشأن هذا الحدث وأن تستمر على مدار الأعوام المقبلة والمرجو أن يكون في مناهجنا ومدارسنا معلومات عن السلامة عامة وعن السلامة المرورية خاصة كما أن هناك ضرورة جدا إلى رسم الإرشادات المرورية على الأرض وعلى اللوحات وفق النظام المروري العالمي الموحد وأن تحدث إشارات المرور بشكل دوري وأن يكون الاستعداد دائما لاستقبال أفواج من السائقين ذكورا وإناثا كل عام.. وأن يكون يوم العاشر من محرم هو يوم نقف فيه لإحياء هذا الحدث الهام كل عام.. وكل عام وأنتم بخير.
***
كاتب أكاديمي وأستاذ للأصول التربوية - نائب رئيس جمعية أسر التوحد في المملكة العربية السعودية