د.عبدالعزيز الجار الله
خرجنا من جدل هل تقود المرأة السيارة أو لا تقود؟ لندخل في واقع كيف نتعامل مع قيادة المرأة الآمنة، وهنا المقصود التطبيق في الشارع والممارسة، كان من المفترض أننا تجاوزنا مرحلة قيادة المرأة من زمن طويل لكن المجتمع لم يكن جاهزًا كما هو عليه اليوم، بعد أن أعلنت السعودية عن رؤيتها 2030 وهي الانتقال من مرحلة سابقة ذات النمط التقليدي في الأداء إلى مرحلة متطورة من تحديث الدولة، وفي هذا المستوى من الطرح لا نستطيع الانتقال السريع والقوي ونحن نعطل أحد العوامل الرئيسة في عملية التنمية ونمنع المرأة من قيادة السيارة وحقها الحضاري.
كنّا في السابق وما زلنا ندفع المليارات الإضافية على:
- مشروعات التنمية التي ربطت بخصوصية المجتمع بعدم قيادة المرأة للسيارة فزادت الأعباء المالية بسبب تحقيق هذا الغرض.
- وظفنا وعدلنا مخططات المشروعات لتناسب المرأة التي لا تقود السيارة، وأصبحت عدم القيادة هي القاعدة وليس الاستثناء وهذا كلفنا المال والمساحة.
- نصمم مواصفات مكلفة ماليا وإنشائيا لمشروعات النقل العام وجميع وسائل النقل لتناسب خدمة تنقلات المرأة والأطفال.
- نقل الموظفات في جميع القطاعات الحكومية والخاصة تتحمل أعباءها المالية الجهات لعدم قيادة المرأة للسيارة.
- زيادة الأعباء ومصروفات الأسرة بسبب السائق، وربما لا يكتفى بواحد بل أكثر من سائق.
- وقف نوعية المشكلات المالية والإجرائية التي تتحملها أجهزة الدولة بسبب معالجة مشكلات السائقين وما يتبعها من الأعباء التي تجرها مشكلاتهم على الدولة والمجتمع.
إذن لا نستطيع الانتقال إلى مرحلة جديدة في حياتنا ونحن نعلق موضوع قيادة المرأة على الرفوف، أو نعمل على ترحيل هذا الأمر إلى الوقت المناسب الذي قد لا يأتي، فقد كانت الثمانينات والتسعينات مناسبة جدا للبدء في التطبيق لكن اعترضتها الصحوة التي كانت ممسكة بالرأي الاجتماعي، واشتعال الحرب العراقية الإيرانية عام 1980م، ثم تحرير الكويت عام 1991م ودخول المنطقة في تصدير الثورة الإيرانية وحتى الآن، وحرب الإرهاب في منتصف التسعينات، وفِي عام 2001 جاءت المشكلة الكبرى اتهام الخليج العربي بمسؤولية أحداث 11 سبتمبر، ثم تلاها غزو أمريكا للعراق 2003م مما جعل المنطقة في صراع وحسابات جديدة.
اليوم نحن في زمن الملك سلمان وولي عهده محمد بن سلمان حفظهما الله، زمن الحزم والعزم لا بد من الحسم والتغلب على الصعوبات في قيادة المرأة للسيارة، لأن التأجيل السابق الذي عانينا منه جعل مشروعاتنا التنموية منقوصة ومكلفة، والحقوق الاجتماعية أيضًا منقوصة، اليوم نحن في دولة حديثة تعمل على صياغة أنظمتها لتحقيق حاجات ومتطلبات المجتمع، أنظمة شاملة للجميع وغير انتقائية وفئوية.