د. محمد عبدالله الخازم
ضمن الذكريات التي أشير إليها كمدخل لموضوع اليوم المتعلق بصيف أطفالنا وطلابنا الطويل، برنامج الأطفال الصحي الصيفي، الذي نظمته مدينة الملك فهد الطبية عام 2006م ومن مسماه هو برنامج للأطفال نظم في وقت الصيف وجمع الترويح والرسائل أو المفاهيم التثقيفية الصحية. البرنامج جاء على مدى ستة أسابيع بواقع ثلاث مرات أسبوعياً مدة كل منها ساعتان إلى ثلاث. كان موجهاً لفئة الأطفال من 6 سنوات إلى 12 سنة (العمر حدد بناء على معايير لوجستية اجتماعية) ومكوناته عبارة برنامج تمارين لياقية ترفيهية مناسبة للعمر وزيارات لأقسام المستشفى وحصة غذائية يصاحبها تثقيف غذائي واستضافة جهات ذات علاقة كالجهات الأمنية والإسعافية وفترات رياضية مفتوحة في المسبح أو ملاعب المستشفى. شارك في تنفيذ البرنامج أقسام العلاج الطبيعي والتثقيف الصحي والتغذية والشؤون الاجتماعية وغيرها حسب البرنامج المطروح. وفي النهاية قدم حفل ختامي مسرحي حضره الأطفال المشاركون وأسرهم. ومن ذكريات ذلك البرنامج تفاعل الآباء والأمهات بحضورهم الحفل الختامي وبدليل مفاجأة أحد الأطباء الاستشاريين والد إحدى الفتيات المشاركات بإلقاء قصيدة في الحفل الختامي.
البرنامج يصنف ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية التي قدمتها مدينة الملك فهد الطبية، لكنه لم يصبح برنامجاً سنوياً، وأشير إليه سريعاً في هذا الوقت كمثال أكثر منه مجرد تباهٍ بما قدم، حيث صيفنا طويل من ناحية إجازة الطلاب وصغارنا بالذات من هم في أعمارهم الصغيرة لا تقدم لهم برامج كافية متنوعة تجذبهم. نعم بعض المدارس تقدم برامج صيفية لكنها ليست جاذبة بما فيه الكفاية لأن مجرد ذهاب الطالب للمدرسة ومجرد لقائه بنفس الأساتذة ونفس الزملاء يكون حاجزاً نفسياً في بعض الأحيان. جامعاتنا متقاعسة في هذا الشأن رغم إمكاناتها وواجباتها المجتمعية ومؤسساتنا المختلفة من مستشفيات ومصانع وشركات كبرى كذلك لا تقدم برامج صيفية متنوعة لأطفالها كجزء من مسؤوليتها الاجتماعية.
ماذا لو كررت مدينة الملك فهد الطبية ذلك البرنامج ومثله فعلت المستشفيات والفنادق الكبرى والجامعات وغيرها بدعم من قطاعات الأعمال الأخرى كالبنوك وليس بالضرورة بنفس الصيغة؟ ماذا لو أسست وزارة التعليم شراكات مع تلك المؤسسات بهذا الخصوص؟ ماذا لو دعمت وزارة التعليم القطاع الخاص ليؤسس برامج صيفية متنوعة مجانية وغير مجانية؟ ماذا لو أوجد برامج سياحة وسفر للشباب خلال الصيف لمناطق المملكة السياحية والآثارية والصناعية وغيرها؟
من يعش خارج المملكة يلاحظ أنه رغم قصر إجازة الصيف فإنها مليئة بالنشاطات والمعسكرات الممتعة والمفيدة لكافة الأعمار وفي مختلف المجالات. برزت لدينا حساسية ضد المعسكرات بعد اتهامها بالصحوية وغسل الأدمغة، لكنه ذلك ليس مبرر أن نتوقف، علينا تطوير التجارب وفق أطر وضوابط وقيم مناسبة وتحت اشتراطات وإشراف مقنن.
أشرت إلى برنامج الأطفال الصحي الصيفي، وقد كانت طفلتي حينها أول المستفيدين منه، لذا أقدر أهمية هذه النشاطات ليس من باب الوعظ فقط وإنما التجربة، وأطالب بإشغال صيف أطفالنا الطويل بكثير من النشاطات والأطفال وصغار الشباب ليس المطلوب تقديم نشاطات معقدة لهم بقدر ما هو مطلوب إدراج البهجة في حياتهم وتعليمهم بعض القيم والفوائد عن طريق الترفية واللعب والتعليم السهل..