عبد الاله بن سعود السعدون
تشهد مدينتا النجف وبغداد حراكاً سياسياً متواصلاً لإجراء نوع من التفاهمات المستقبلية والوصول إلى مرحلة الكتلة الأكبر هذا الاصطلاح الدستوري الغريب عن كل المفاهيم الدستورية في العالم، فمن المعروف أن نتائج الانتخابات البرلمانية هي التي تحدد القائمة الأكبر التي تخول دستورياً لتشكيل الوزارة ضمن المدة الدستورية وجاء قرار المحكمة الدستورية كاجتهاد متأثر طائفياً وبتوجيه إقليمي وضع خطاً أحمر على منح كتلة العراقية التي يتزعمها الدكتور إياد علاوي والتي جاءت بأعلى عدد المقاعد البرلمانية (91) وتليها قائمة نوري المالكي دولة القانون (89) مقعداً وأمام هذا الفوز للكتلة العراقية والتي لا تحظى برضاء إيران تم الالتفاف على النص الدستوري وتوحد أكثر من كتلة وحزب شيعي تحت مسمى الكتلة الأكبر وتسمية نوري المالكي المدعوم من النظام الإيراني رئيساً للوزراء بعد تخاذل السيد علاوي عن استحقاقه الانتخابي وأصبح هذا العرف السياسي أساساً لتركيز منصب رئيس الوزراء بالطائفة الشيعية دون منافس من أي تكتل سياسي آخر..
ينشط السيد مقتدى الصدر في تكوين الكتلة الأكبر لتمرير التشكيل الوزاري الجيد في البرلمان ومنح الثقة برئيس الوزراء الجديد وقد يكون الدكتور حيدر العبادي من أبرز المرشحين للمنصب الأول في السلطة التنفيذية لإصرار الإدارة الأمريكية بمنحه المرحلة الثانية في احتلال رئاسة الوزراء وهذا التأييد المطلق يواجهه ضغط إيراني لاستبداله بصديقها اللدود هادي العامري زعيم كتلة الفتح الحائزة على المرتبة الثانية في الانتخابات الأخيرة والتي تحفها الكثير من تهم التزوير والانتخاب بالإكراه من قبل منظمات مسلحة عميلة للنظام الإيراني التي نفذت جريمة حريق المجمع الانتخابي في منطقة الرصافة لإخفاء أدلة التزوير في الاستمارات الانتخابية...
الصدر أطلق شعار (لا لإيران ولا لأمريكا في العراق) وسبب هذا الشعار الذي تعتبره صنوف الشعب العراقي المخرج الوحيد من الطوق الإقليمي والدولي وعتق رقبة السياسة والاقتصاد في العراق، وينتهي عهد الطائفية والمحاصصة والفساد الإداري والمالي ويتحقق مبدأ سلطة القانون وتختفي معه البندقية من الشارع العراقي.. ولكن هل يستطيع الصدر تحقيق ذلك بعيداً عن النفوذ المتأصل في الحياة السياسية والاقتصادية لإيران وأمريكا، وليس من السهولة اعتماد أسس المواطنة في الانتماء للدولة العراقية ومعاملة منتسبي المليشيات المسلحة والمواطن العادي بنفس الحقوق والواجبات، وحماية أمن المواطن والوطن أمر صعب لا يستطيع العبور من فوقه مقتدى الصدر أو أي رئيس وزراء من مرشحي الكتلة الأكبر وهي بالطبع ركائزها من الطائفة الشيعية وتكون بعيدة عن النفوذ الإيراني وسلطة ممثلة في العراق قاسم سليماني !!!!!!؟؟
وقد أبرزت الانتخابات الأخيرة (2018)، بروز تأثير الحشد الشعبي ومكاتبه المنتشرة في المنطقة الغربية التي كانت مغلقة تماماً لأبناء الطائفة السنية والمناهضة بقوة للوجود الإيراني في العراق، فازت كتلة الفتح الممثلة للحشد الشعبي والمؤيدة للنفوذ الإيراني في جسم الدولة العراقية بثلاثة مقاعد برلمانية في موطن رأس الرئيس الراحل صدام حسين!!!!
وهذا الحدث الانتخابي يعطينا مؤشراً فعلياً لنجاح الإستراتيجية الإيرانية في اختراق مناطق أهل السنة والتغلغل في مجتمعها المعادي لها بواسطة نفوذ مكاتب الحشد الشعبي الوليد التوأم للحرس الثوري الإيراني، وبذلك تحقق للنظام الإيراني هدف تأمين الطريق الموصل لنفوذها لسواحل البحر الأبيض المتوسط وقاء نفوذها في العراق وسوريا وجنوب لبنان..،
تنتظر الحكومة الجديدة ملفات عديدة تخص العديد من صنوف الفساد والفاسدين واقتصاداً منهاراً في جميع قطاعاته الصناعية والزراعية وشح المياه في الرافدين والأهوار لخزن مياه المنبع في السدود التركية وتحويل الجارة المسلمة إيران لمجرى أنهار كارون والكرمة ديالي عن مجراها الطبيعي والتي (كانت) تصب في دجلة وشط العرب. ولم تستطع الحكومات السابقة أن توجد حالة من العلاقات المميزة من الحصول على ضمانات رسمية من تركيا وإيران بناءً على بنود الاتفاقية الدولية للشطآن المتجاورة والأنهار الدولية التي تمنع حبس المياه وبأي شكل داخل دولة المنبع أوتغيير مجراه العابر لدول أخرى، ولم يسخر العراق دبلوماسيته للضغط على تركيا وإيران لتحقيق شكل مريح للزراعة والسقي لمياه الأنهار المارة بداخله ولم تعمل على تنظيف وكري مجاري الأنهار وتنفيذ مشاريع سدود مائية لحفظ المياه التي كانت (مهدرة) في الخليج العربي..