د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تهدف الدولة إلى توفير حلول سكنية للأسر السعودية مستهدفة رفع نسب التملك إلى 60 في المائة بحلول عام 2020 من 50 في المائة عام 2017 والوصول إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، لذلك سعت الدولة إلى إطلاق 16 جهة حكومية بين وزارات وهيئات ومؤسسات في 5-2-2018 وذلك ضمن برامج الإسكان لتحقيق رؤية المملكة 2030.
لكن تعاني الدولة من ضعف مشاركة قطاع التمويل في القطاع الإسكاني، وتم تمويل نحو 160 ألف وحدة سكنية من إجمالي الوحدات السكنية في السعودية البالغ 6.5 مليون وحدة سكنية، ووصلت قيمة التمويل 260 مليارا، شكلت الدولة من هذا المبلغ 65 في المائة، في حين بلغت نسبة القطاع الخاص 35 في المائة، الأمر الذي يؤكد أن الحكومة الممول الكبير للأفراد، بينما في الولايات المتحدة بلغ إجمالي القروض العقارية واجبة السداد نحو 15 تريليون دولار، وفي دولة الإمارات بلغت القروض العقارية عام 2016 نحو 285 مليار ريال.
كان أكبر محفز لنمو القروض العقارية في الولايات المتحدة هو برنامج التسهيل الكمي الذي تم تنفيذه بطريقة منسقة من قبل المصارف المركزية في الولايات المتحدة وأوربا واليابان، وعملت برامج شراء السندات المنفذة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوربي وبنك إنجلترا وبنك اليابان على عرقلة ارتفاع العائدات المتاحة على السندات الحكومية ذات الجودة العالية، وكانت العقارات محور تركيز طبيعي، خاصة بسبب السهولة التي يحصل بها المشترون على القروض المدعومة بأصول عقارية، بأسعار فائدة منخفضة جدا، وهي السمة التي رافقت برنامج التسهيل الكمي.
ومن الأولويات المهمة في قروض الإسكان تثبيت تكلفة التمويل المتغيرة التي يعاني منها المقترضون من أجل التخفيف من ضحايا القروض وحالات التعثر، بدلا من إعادة تسعيرها سنويا، وفق التغيرات التي تطرأ على السايبور (هامش الربح المتغير)، ويجب أن تأخذ تلك القروض طابع الشفافية الذي يصب في صالح المقترضين، بعدما كانت تفسر لصالح الجهة الممولة، أي أن تكون العقود واضحة وصريحة، والتخفيف من الاشتراطات من دون أن يؤثر في الأطراف كافة، مع إمكانية تحويل المديونية إلى ممول آخر.
وحسب الاستراتيجية الجديدة ستعتمد الحكومة بشكل أكبر على القطاع الخاص تمويلا وتطويرا في مشروعات الإسكان القادمة، ويتوقع أن يرتفع التمويل إلى أكثر من 500 مليار ريال بحلول 2020، ويشكل برنامج الإسكان الذي أطلقته وزارة الإسكان بشراكة مع عدة قطاعات وهيئات حكومية، يشكل أولوية لأنه يوفر حلولا غير متوفرة في السوق، أهمها أن القسط يكون ثابتا لا يتغير بتغير أسعار السايبر واللايبر (سعر الفائدة بين البنوك) وأسعار الفائدة.
صندوق التنمية العقاري موّل ما نسبته 55 في المائة من القروض العقارية في السابق بنحو 860 ألف مواطن خلال السنوات الأربعين الماضية وهو وضع غير مثالي ولا يتناسب مع مستقبل سوق الإسكان، ولا بد من إيجاد أدوات جديدة، وهناك تمويل نحو نصف مليون مواطن خلال السنوات الثلاث المقبلة من تملك مسكنهم الأول، وهو ما يحتاج إلى تغييرات هيكلية ورئيسية في السوق وإيجاد حلول تمويلية جديدة تتناسب وتلائم الاحتياجات كافة، مع زيادة مشاركة المطورين العقاريين في المشروعات على الخريطة التي لا تتجاوز 3 في المائة حاليا لتصل إلى 50 في المائة خلال الفترة المقبلة، وهو ما سيرفع إسهام قطاع الإسكان في نمو الاقتصاد غير النفطي من 40 في المائة إلى 50 في المائة عام 2020، خصوصا أن وزارة الإسكان أطلقت منتج البناء الذاتي الذي يؤدي إلى حل 70 في المائة من مشكلات قوائم الانتظار في صندوق التنمية العقارية من خلال البنوك والجهات التمويلية بمبلغ 500 ألف ريال، مع دعم الصندوق لأرباح القرض وفقا للقدرة الائتمانية للمستفيد.