مها محمد الشريف
شهدت مدينة الطائف ولادة العديد من الشخصيات العظيمة، منها الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي وصاحب المناصب العليا في الدولة -رحمة الله عليه- الذي يعد من أعظم الشخصيات السياسية في العالم، والذي نعاه العالم العربي والإسلامي والاتحاد الأوروبي باعتباره فارساً نبيلاً شجاعاً مهاباً حمل صفات والده جلالة المغفور له الملك فيصل الذي سطر للتاريخ أعظم الملاحم العربية والعالمية.
وتعد الطائف من أشهر المدن السعودية التي اعتبرها المؤرخون ثاني موقع استيطاني بعد مكة المكرمة، ومن أول المدن التي دخلت في الإسلام في العام التاسع الهجري، ومن أغنى المناطق بآثار وروائع من العصور السابقة تؤكد عراقة تاريخ المملكة، كما أكد مدير وحدة الآثار بمحافظة الطائف الأستاذ عبدالعزيز العمري أن متحف قصر شبرا الذي كان الملك عبدالعزيز والملك فيصل يتخذانه قصراً لهما عند زيارتهما للطائف، يتميز بطابع عمراني فريد جمع -طابعين مختلفين الروماني والإسلامي - ونُظم فيما بعد به برامج ثقافية وزيارات إلى المواقع الأثرية التي تزخر بالعديد من آثار العصر الحجري وثلاثين سداً إسلامياً.
والفعاليات السنوية لسوق عكاظ وأشهرها على الإطلاق الذي يعود تاريخه إلى أربعة قرون قبل الميلاد واستمر في عهد الإسلام وإلى تاريخنا الحاضر، وقد عني به سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل وأشرقت شمس هذا السوق وتألقت المشاركات الثقافية والتاريخية من جديد.
وروى الكاتب والمؤرخ التاريخي بالطائف عيسى القصيّر وصاحب «كتاب الطائف القديم داخل السور»، بعضًا من تفاصيل نشأة الفيصل، وقال: «إن الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- عاش بداية حياته في الطائف»، وأضاف «أن أبناء الملك فيصل تلقوا تعليمهم في مدارس الأمراء النموذجية، وكان حضوره الأسبوعي إلى الطائف حرصاً على مشاهدة ومتابعة سباقات الخيل في حي معشي، حيث ولد -رحمه الله- بها، وقد سكن الملك فيصل في قصر الكاتب الواقع بحي السلامة، عندما كان نائبًا في الحجاز، في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود، -رحمهما الله- وقد نزل الملك فيصل في هذا القصر مع أبنائه وكان عاشقًا للطائف».
إن ذاكرة الطائف تزخر بالأسماء والشخصيات التاريخية العظيمة، ما جعل المؤرخين شهوداً على مر الحقب الزمنية، ودونوا أحداثاً ضخمة منذ العصر الجاهلي إلى حاضرنا اليوم من حيث منبع الفكر والأدب والمواقع الأثرية والتاريخية، ولا يمكن الإحاطة بكل منجزات التاريخ ورجاله في مقال أو صفحات، فاسم المملكة العربية السعودية يتصدر الثقافة التاريخية في العالم والذي يسوق باهتمام لهذا الجانب في كثير من المحافل.
وقد ذكر الله تعالى القريتين مكة والطائف في كتابه العزيز حيث قال في محكم تنزيله: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}.
الحقيقة ليس دور المثقف هنا أن ينقل ما قاله الذين سبقوه وماذا يتعين عليه فعله، وإنما هي مساهمة لتجديد العهد بالتاريخ الثقافي لهذه الميادين الفخمة الغنية بالأصالة التي تزدان بها الكتب والصحائف، ولها اعتبارات في فهمنا المعاصر كي نروي الإنتاج الثقافي بشكل مكثف، علّنا نكتشف المزيد من الموضوعات الجوهرية وقراءة المسائل المختلفة في الحقول التاريخية ونكتب تعاقباً آخر للأحداث، فكلما أمعنا النظر في هذه الملفات وجدنا تكنولوجيا جديدة تعنى بالوقائع البشرية وإنتاج محاور عديدة من النخب والشعب.