د.ثريا العريض
ابتهاج السيدات ومشجعي تمكين المرأة بالقرارات العليا وتفعيلها رسميًا - وآخرها السماح للمرأة بقيادة السيارة - واضح على كل قنوات التواصل من الحوارات الفردية إلى الواتسآب إلى تويتر والقنوات التلفزيونية الفضائية.
ولا أزعم أن كل من يتابع ويعلق يصفق مبتهجًا إلا أن الغالبية سعداء مؤيدون، وأنا منهم, وقد جربت نعمة الحركة بحرية وقيادة السيارة قبل عقود, ولذا أتجاوز الفرح المستحق آنيًا بهذه الخطوة البدئية, ونظرتي وطموحاتي تتطلع إلى أبعد وأعلى. تستشرف مهنيًا أن الوقت قد آذن بالترحيب بالمرأة في قيادة وجهة الوطن بصورة فاعلة مثمرة بأعلى مستويات صنع القرار.
وليس مغيبًا, لا عن الرأي العام المحلي, ولا العالمي أن خطوات تمكين المرأة السعودية تتوالى بوتيرة إيجابية مبهجة للعقلاء، مواكبة لإستراتيجية التحول الشامل التي تهدف وتسعى لتمكين كل مواطن مؤهل للقيام بدور إيجابي والمساهمة في بناء نفسه والوطن اقتصاديًا وثقافيًا.
ورغم أننا نعايش ضمن النتائج الإيجابية في ما يختص بتقنين وضع المرأة, تأثير ما تم من القرارات على تحسين سمعة الوطن؛ حيث الخطوات الواضحة لتمكين الإناث بالذات أنهت بعض اتهامات الجهات الحقوقية, وغيرت من النظرة النمطية السلبية للمملكة التي اعتادت أن تصمنا بالتخلف مجتمعيًا, والحجر على الإناث واستلاب دورهن في اتخاذ القرار حتى تلك القرارات المصيرية في حياتهن, ولكن هذا التأثير ليس الأهم؛ الأهم فعلاً هو تحقيق استعادة التوازن القيمي للمعادلة المجتمعية داخليًا. وواضح أن فرض تقنين التعامل مع المرأة, بأوامر عليا, وتجريم عدم تنفيذها أو الإخلال بها, يقلص إن لم يقض على فرص حرمان أي مواطنة من حقوقها الشرعية عبر استغلال معتادات العرف للتحكم فيها بانتهازية فردية أو أسرية أو عرفية تسلبها حقوقها.
هذه الإجراءات والتطورات والمستجدات الإيجابية ستسهم في دفع عجلة التنمية والنمو الاقتصادي للوطن. فبلا شك بين المواطنين رجال ونساء, خصوصاً خريجي الجامعات والمعاهد ومن أهلتهم برامج الابتعاث للدراسة والتخصص أو التدريب, هناك أكفاء من الجنسين لتحمّل مسؤوليات مهنية وإدارية وقيادية مهمة, سواء في مؤسسات الوطن داخليًا, أو خدمته في الخارج. الجديد في الوضع الآن هو إشراع الفرص للشباب المؤهل من الجنسين لتولّي مواقع مسؤولية رسمية عالية, وإزالة معظم العقبات التي كانت تقف أمام تكليف النساء بالمناصب العامة.
بداية واعدة تتكئ على حكمة توطين المهارات والوظائف والثقة بأن المواطنين والمواطنات مع التأهيل والتدريب والمحاسبة قادرون على تقديم ما يحتاجه الوطن من خدمات بكفاءة وجدارة.. وبثقة وإخلاص على المدى الطويل, قد لا تتوفران في الوافد مستقدمًا أو متسللاً أو متخلفاً الذي المتوقع الطبيعي أن يظل مهتمًا باستقرار أسرته في وطنه الأم أكثر من استقرار موقعه المتبنى إلى حين. شاركت في وضع ومتابعة خطة توطين طاقة العمل في أرامكو السعودية ومن حواراتي المهنية والعفوية مع زملاء فيها من المستشارين وحتى العاملين في الصيانة وأعمال السكرتارية, وأؤكد أن ما توصلت إليه أعلاه هو الحقيقة المؤلمة رغم اعترافي باحتياجنا لاستقدام المؤهلين والمؤهلات في المجالات غير المتوفرة محليًا في المرحلة الزمنية الآنية التي تتطلب تدريبهم بأعداد كافية وتشجيعهم بالمحفزات لكي تتغير مؤشرات وقيم الاختيار لمهنتهم التخصصية.
وفي حوارنا القادم سأتطرق معكم إلى تكوين الفريق الأمثل لتحقيق الإثمار الوطني في الإدارة والتخطيط.