«الجزيرة» - المحليات:
جاء تسجيل واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي بإليونسكو خلال اجتماع لجنة التراث العالمي الذي عقد في العاصمة البحرينية المنامة أمس الجمعة والذي أعلن عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ليمثل إنجازًا جديدًا ومهمًا للتراث السعودي الذي يشهد نقلة كبيرة في مخلف المجالات أهلت المملكة لتكون في مصاف الدول المتقدمة عالميًا في هذا المجال.
وتعد واحة الأحساء خامس موقع سعودي يضم لقائمة التراث العالمي بإليونسكو بعد موقع مدائن صالح في عام 1429هـ/ 2008م، وحي الطريف بالدرعية التاريخية عام 1431هـ/ 2010م، وجدة التاريخية عام 1435هـ/ 2014م، ومواقع الرسوم الصخرية في موقعي جبة والشويمس بمنطقة حائل في 1436هـ / 2015م.
وقد رفع سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التهنئة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على هذا الإنجاز العالمي، مؤكدًا أنه يمثل حلقة في سلسلة الإنجازات التي تحققت لقطاع الآثار في عهد خادم الحرمين الشريفين، وبدعم مباشر من مقامه الكريم، توج برعايته الكريمة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، الذي يجمع تحت مظلته مسارات التراث الوطني كأول مشروع من نوعه تتبناه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بشراكة ومساندة من عدد من الجهات الحكومية والمجتمعات المحلية.
لافتًا سموه إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- هو رائد التاريخ والتراث في المملكة والداعم الأول لمشاريعها، والقريب من هذا القطاع منذ تأسيسه قبل نحو 50 عامًا، والمتابع الدائم لأنشطته وقضاياه وإنجازاته.
مبينًا سموه أن هذا الاهتمام أنتج عددًا من الإنجازات المهمة في السنوات الأخيرة من خلال تسجيل المواقع السعودية في قائمة التراث العالمي، وإنجازات أعمال البحوث والاكتشافات الأثرية، إضافة إلى مشاريع المتاحف الجديدة، والمعارض العالمية المتنقلة، وجهود ومشاريع الحماية والتأهيل، واستعادة الآثار الوطنية، وغيرها من الإنجازات التي جعلت المملكة في مصاف الدول المتقدمة عالميًا في مجال الآثار والمتاحف والتراث الوطني.
وأعرب سموه عن تقديره لكل من أسهم في دعم ملف واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية رئيس مجلس التنمية السياحية بالمنطقة، وصاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء رئيس مجلس التنمية السياحية في المحافظة، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن فهد بن سلمان نائب أمير المنطقة الشرقية، والمهندس عادل بن محمد الملحم أمين الأحساء، وكل مسئولي المحافظة ورجال أعمالها وأهاليها الكرام الذين كانوا خير عون للهيئة في تحقيق متطلبات التسجيل العالمي، وأظهروا كل الدعم والحماس، وبذلوا الجهود الكبيرة والمخلصة لخدمة محافظة الأحساء العزيزة على نفوسنا جميعًا لتحقيق هذا الإنجاز، والمساهمة في رفع اسم المملكة وإبراز مكانتها الحضارية والتاريخية.
وأبان سموه أن الأحساء بتاريخها العريق وما شهدته من حضارات متعاقبة، وبأهاليها المميزين وما قدموه للوطن في مجالات العلم والاقتصاد والثقافة والعطاء المخلص والولاء لقادتهم ووطنهم، تستحق هذا الإنجاز وكل اهتمام يوازي هذه الأهمية والمكانة.
مشيرًا إلى اهتمام الهيئة بمحافظة الأحساء من خلال ترميم وتأهيل عدد من المواقع والمباني التراثية وتطوير متحف الأحساء الإقليمي وأعمال المسح والكشوفات الأثرية، إضافة إلى المشاريع والبرامج السياحية.
وأبان سموه أن ملف واحة الأحساء كان من أصعب الملفات التي قدمتها الهيئة وعملت عليها لوجود عدد من المتطلبات والاشتراطات التي تستلزم التغيير في عدد من المشاريع القائمة، مشيدًا سموه بتعاون الجميع في ذلك.
وأكد سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن تسجيل واحة الأحساء في قائمة التراث العالمي دليل على مكانة المملكة وعمقها الحضاري.
معتبرًا سموه إجماع أعضاء إليونسكو الذين يمثلون 22 دولة على أهمية هذا الموقع وضرورة تسجيله في قائمة التراث العالمي اعترافًا دوليًا رفيعًا بعمق المملكة الحضاري ومواقعها الطبيعية والتراثية العريقة، وعنايتها بكل ما يخدم البشرية والإنسانية جمعاء، مبيناً أن الهيئة عملت مع فرق دولية متخصصة وشركائها في المملكة لتقديمه بشكل متميز واستيفاء كل الشروط التي تطلبها المنظمة.
وتقع واحة الأحساء في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، على مساحة إجمالية تفوق (85) كم2، وتشكل مشهدًا ثقافيًا متطورًا يحتوي على بساتين النخيل، والقنوات، والعيون، والآبار، وبحيرة الصرف المائي، ومناطق أثرية شاسعة، ومجموعة مختارة من التراث العمراني داخل مستوطناتها التاريخية، التي تجسد أهمية الواحة باعتبارها مستوطنة تقليدية كبرى طوال (500) عام الماضية.
وتمتلك واحة الأحساء «طوبوغرافية» واضحة تتمثل في مجموعة العناصر كالعيون المائية، والكهوف، والجبال، والسهول، والقنوات الحديثة والتاريخية، وأساليب رفع المياه، والمستوطنات البشرية ومناطق الصرف الطبيعية.
وتعتبر واحة الأحساء أكبر واحة في العالم، وقد حافظت على تماسك جغرافيتها الأصلية ووظائفها الاقتصادية والاجتماعية كمركز زراعي رئيس لشبه الجزيرة العربية، ومركز اقتصادي مهم يرتبط منذ الحضارات العالية إلى بقية الخليج والعالم.
وتضم الواحة عددًا من المعالم التي أهلتها لتكون ضمن مواقع التراث العالمي مثل: سوق القيصرية التراثي، والمدرسة الأميرية (بيت الثقافة)، ومسجد جواثى التاريخي، وقصر إبراهيم، وبيت البيعة (الملا)، إضافة إلى واحة نخيل الأحساء، التي تحوي عددًا من المباني والمواقع التراثية والطبيعية وغيرها.
وتعمل الهيئة على تسجيل المواقع التراثية والأثرية في قائمة التراث العمراني ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري والذي يشمل منظومة من البرامج والمشاريع لتطوير مواقع التراث الوطني والتعريف بقيمتها التاريخية والمحافظة عليها.
وتسعى الهيئة من خلال تسجيلها للمواقع الأثرية والتراثية في قائمة التراث العالمي إلى الحفاظ على الثراء التاريخي والأثري والتراثي المتنوع للمملكة، وإبرازه للعالم، وتأهيل هذه المواقع وفقًا لمعايير المنظمات العالمية المتخصصة.
وتُدرج مواقع التراث الثقافي والطبيعي في قائمة التراث العالمي بموجب شروط اتفاقية التراث العالمي الثقافي والطبيعي الصادرة عن إليونسكو عام 1972م، والمعروفة باسم اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي، والتي انضمت إليها المملكة عام 1398هـ (1978م).