د.عبدالله بن موسى الطاير
تقول الإحصاءات إن معدل إنفاق الأمريكيين الشهري على فواتير الكهرباء بلغ 114.09 دولار شهريًا عام 2014م، أي 428 ريال تقريبًا. وقد تم التوصل إلى هذا المعدل بعد دراسة شملت 100 مليون مستهلك وفقًا مصلحة EIA الأمريكية الرسمية. علمًا بأن أسعار التعرفة الكهربائية تتفاوت من ولاية لأخرى. ففي حين سجلت 187.59 دولار (704 ريال) شهريًا في هاوي لذات العام، فإنها لم تتجاوز في نيومكسيكو 77.79 دولار (292 ريال) شهريًا. وإذا أخذ في الاعتبار دخل المواطن الأمريكي الشهري في النطاق العمري بين 25 و65 المقدر بنحو 4377 دولار (16412 ريال) فإن فواتير الكهرباء تشكل حوالي 2.2 % من الدخل الشهري.
المقارنة بين الشعبين الأمريكي والسعودي غير منطقية إذا ما أخذنا في الحسبان حجم الأسرة، ومستوى الترابط الأسري، ففي حين لا تجد في البيت الأمريكي شخصًا أكبر من 18 عامًا يعتمد على والديه في دخله تجد أن الأسر السعودية متخمة بالعديد من الأبناء والبنات الذين يعولهم الأب أو الأم أو كلاهما. كما أن الرجل والمرأة في البيت الأمريكي يتقاسمان كلفة الفواتير في أغلب الأحيان بينما يكون الرجل السعودي أو المرأة مسؤول مسؤولية كاملة عن الفواتير.
صحيح أن تعرفة الكهرباء في السعودية من الأرخص في العالم وهي مع الزيادة التي بلغت نحو 26 % مع مطلع هذا العام تبقى في ذيل القائمة على مستوى العالم. ولكن هل نعتبر ذلك مؤشرًا على أن فواتير الاستهلاك الحالية في متناول الجميع، وذلك لأسباب عدة منها حرارة الطقس التي تستمر لأكثر من 9 أشهر، ولا يمكن تحمل درجات الحرارة المرتفعة فيها من دون مكيف، كما أن كود البناء في المملكة لم يكن مطبقًا مما يعني أن غالبية المنشآت السكنية ليست صديقة لتوفير الطاقة، لا من حيث مساحات البناء ولا المواد المستخدمة فيه من عزل وخلافه. كما أن حجم الأسر، والخصوصية التي تعوّد عليها أفراد الأسرة، خلال العقود الماضية تجعل عدد المساحات المشغولة في المبنى الواحد هي الأكبر عالميًا، فالبيت الذي تسكنه أسرة بمعدل 5 أشخاص تجد فيه خمس غرف على الأقل تحتاج إلى تكييف على مدار الساعة في أشهر الصيف، وهو من النادر أن تجده في بلدان أخرى في محيطنا باستثناء دول الخليج.
صحيح أن الدولة ألزمت شركة الكهرباء بفئات للاستهلاك على اعتبار أن الأعلى استهلاكًا هو الأكثر دخلاً، ولكن هذا المعيار غير مستقيم لأن بعض الأسر الفقيرة أو متوسطة الدخل يسكن في بعض بيوتها أكثر من عشرة أشخاص جميعهم يحتاجون إلى التكييف. وبذلك فإن وضعهم في شرائح الاستهلاك الأغلى فيه مشقة كبيرة عليهم.
لا أعتقد أن هناك بلدًا في العالم يحتاج الكهرباء للتكييف أكثر من تسعة أشهر في السنة على مدار الساعة كما هو الحال في المملكة ودول الخليج، وغياب هذه المعلومة أو إغفالها بالاعتماد على البيانات الدولية هو الذي أوقع الشركة السعودية للكهرباء والمواطن في هذا المأزق. ولا مناص من إيجاد حلول مناسبة للتبريد كما تعمل الدول الباردة مع التدفئة.