«الجزيرة» - سالم اليامي:
نما الاقتصاد الوطني السعودي بمعدل 1.2 في المئة خلال الربع الأول من عام 2018، مقارنة بانكماش 1.2 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2017، ووفقا لنشرة الحسابات القومية التي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء، فقد جاء التحسن مدعوما بشكل رئيسي من تسارع النمو في كل من الناتج المحلي للقطاع النفطي وغير النفطي على حد سواء، حيث نما القطاع النفطي بمعدل 0.6 في المئة في الربع الأول مقارنة بانكماش 4.3 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2017، بينما وصل النمو في القطاع غير النفطي إلى 1.6 في المئة، مرتفعا من 1.3 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2017.
وأشارت الهيئة العامة للإحصاء إلى أن هذا النمو الإيجابي يأتي بعد أربعة أرباع من الانكماش، ما يعني خروج الاقتصاد من الآثار الاقتصادية لانخفاض أسعار النفط وبعض الإصلاحات الهيكلية.
وفي حديثه لـ«الجزيرة» اعتبر الكاتب والمحلل الاقتصادي عبد الرحمن بن أحمد الجبيري نتائج تقرير الربع الأول للعام 2018 لمؤشرات الحسابات القومية وما أظهرته من تحسنٍ ملحوظٍ في النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انعكاساً للأداء الفاعل والاحترافي للقطاعات الاقتصادية المختلفة، وما اشتملت عليه من معايير ضمنت كفاءتها وفق متطلبات البرامج التنموية والمبادرات المختلفة على ارض الواقع ، وقال إن التحول في الدفع بالاقتصاد الإنتاجي وتعزيز فرصه قد خلق تكاملاً أدى إلى تعزيز فرص هذا النمو المتسارع، إضافة إلى تفعيل مستهدفات رؤية المملكة 2030 المواكبة لهذا النمو مع الاستمرار في الإصلاحات الهيكلية ومعالجة الآثار الاقتصادية بالخروج من دائرة الاعتماد الرئيس على النفط إلى التنوع المثالي في قاعدة الاقتصاد، حيث نما القطاع غير النفطي بمعدل 1.6 في المئة مرتفعاً من 1.3 في المئة خلال الربع الأول من العام الماضي ، وبيّن الجبيري أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يُعد مؤشرا مهما، فمن خلاله يمكن معرفة اتجاهات إنتاج السلع والخدمات بالأسعار الحقيقية وهو ما يؤشر إلى من خلاله بمدلولات ذات أهمية اقتصادية لما أظهره من تحسن ونمو، إلى جانب ذلك فإن التقرير يشير إلى تحسن في نشاط الصناعة والتعدين، وهو ما يعني أن هذا القطاع من القطاعات الهامة التي تسهم في الأداء الأفقي للاقتصاد مع بقية القطاعات الأخرى، حيث إن الفرص الصناعية واعدة وإمكاناتها هائلة والاستمرار في تطويره أصبح من الأولويات الاقتصادية في المملكة.
وقد كرست رؤية المملكة ابعاد هذا القطاع الواعد لقيادة المستقبل الاقتصادي في ظل الإمكانات والقدرات الكبيرة المتاحة حالياً ، وتابع الجبيري قائلا لقد ساهمت أيضاً الأنشطة الخاصة بالخدمات الحكومية والمالية في تعزيز ومرونة أداء القطاع غير النفطي مما واصل نموه، ويعزو ذلك إلى تطبيق معايير الجودة والمتابعة وسرعة التعاملات الحكومية الالكترونية والشفافية والإفصاح وعلاج المعوقات أولاً بأول، وهذا بطبيعة الحال انعكس إيجابا على النمو وأيضاً تحقيق معدلات عالية من الأداء الفاعل لخدمة ورفاهية المواطن، كما أن الخدمات المالية ستواصل نموها أيضاً بعد إدراج السوق المالية السعودية في مؤشر MSCI والذي بدوره سيفتح آفاقاً جديدة في جذب رؤوس الأموال والتدفقات المالية الفعّالة لسوق الأسهم السعودية قدرتها تقارير متخصصة بأكثر من 40 مليار دولار ، مبيناً أن السوق السعودية ستكون من أكبر الأسواق المالية وستمنح الفرص المواتية المستثمرين بالدخول إلى الأسواق السعودية والنهوض بها، إضافة إلى جذب استثمارات جديدة في مختلف المجالات مثل قطاعات البنوك والتأمين والخدمات الصحية وبرامج التعليم والسلع والخدمات الاستهلاكية والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
وحول انكماش قطاع تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم قال الجبيري انه يأتي نتيجة لارتفاع مستوى الوعي الاستهلاكي وترشيد الإنفاق الأسري والتخطيط الأمثل للإنفاق وفق الدخل بعد تطبيق ضريبة القيمة المُضافة وهو أمر متوقع .
ولفت الجبيري إلى ما حققه القطاع الخاص من نمو بلغ ما نسبته 2.65 في المئة قائلا: إن هذا التحسن يشير إلى حزمة من البرامج والمبادرات التي مكنته من القيام بدوره الاقتصادي المأمول، وهو ما يعني الاستمرار في منحه كافة التسهيلات لتعزيز أدائه في مختلف المجالات وتنمية أنشطته وإعادة توليدها، مما سيخلق في ذات الوقت المزيد من فرص العمل والأداء الفاعل ومواصلة نموه بشكل مطرد .
من جهته قال الاقتصادي المتخصص في أسواق المال والتخطيط الاستراتيجي محمد السويد إن التحسن في الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من سنة 2018 ساهمت فيه العديد من العوامل على رأسها عدم تضرر صرف المستهلكين من التغيرات الهيكلية للاقتصاد، بعد أن اقر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - نهاية السنة الماضية الدعم الإضافي الحكومي المباشر للمواطنين مع الدعم المقدم في حساب المواطن. إضافة إلى ذلك ، ساهم استمرار ارتفاع أسعار النفط ورفع أسعار الطاقة وفرض الضرائب في هذا النمو بشكل طبيعي، حيث يمكن ملاحظة وجود انكماش في الناتج المحلي بالتعديلات الموسمية بقيمة 0.31% في الربع الأول من 2018م.
وقال السويد: نأمل أن يستمر هذا التحسن في نمو الناتج المحلي خلال السنة وألا يعود الاقتصاد للانكماش مرة أخرى خاصة مع استمرار انخفاض معدل التضخم الشهري منذ بداية السنة عقب رفع أسعار الطاقة وفرض الضريبة.
ووفقا لما تضمنته نشرة هيئة الإحصاءات العامة فإنه بالنظر إلى مساهمة الأنشطة الاقتصادية في نمو القطاع غير النفطي، يتبين لنا أن معظم النمو جاء بسبب التحسن في نشاطي الصناعة والتعدين غير النفطي، حيث نما كل منهما بمعدل 4.6 في المئة، و6.3 في المئة على التوالي. فيما ساهم أيضاً نشاطا الخدمات الحكومية والخدمات المالية بشكل ملحوظ في نمو القطاع غير النفطي، حيث وصل النمو في الخدمات الحكومية إلى 3.4 في المئة، مقارنة في 3.2 في المئة في الربع الرابع من عام 2017، بينما وصل النمو في نشاط الخدمات المالية إلى 2.1 في المئة، مقارنة بـ 0.8 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2017.
في المقابل، استمر نشاط التشييد والبناء في الانكماش لكن بوتيرة أقل، متراجعا بنسبة 2.4 في المئة، مقارنة بـ 3.5 في المئة في الربع الرابع من عام 2017.
وقد سجل أيضاً نشاط تجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم انكماشا بـ 0.5 في المئة خلال الربع الأول من عام 2018م، مقارنة بنمو وصل إلى 1.4 في المئة خلال الربع الرابع من عام 2017.