عبد الله باخشوين
** ربما يجب أن نقول، منذ البداية.. أن مهمة (وزارة الثقافة) المستحدثة بوزيرها الشاب الأمير بدر بن عبدالله الفرحان.. ليست رعاية ثقافة قائمة، مع احترامي الشديد لكل رموز الثقافة في بلادنا، بقدر ما يقوم على ضرورة وضع قواعد معاصرة كفيلة باحتضان ورعاية الثقافة (الجديدة) والناشئة في بيئة جديدة محملة بالرؤى المنفتحة.. والمختلفة في تفاصيلها وأدواتها.
لا يصح -مثلا- أن نتجاهل حقيقة أن المؤسسة السويدية العريقة (التي تشرف على منح جوائز نوبل) اضطرت لحجب جائزة (نوبل للأدب).. أو ننسى أنها خلال عامين منصرمين لم تمنحها للأدب بل فازت بها كاتبة (صحفية) أولا.. ثم مغنٍ وموسيقي مجدد كبير.
ولا نقول بخلو ساحة الأدب وفراغها.. بقدر ما تستوقفنا حقيقة تؤكد أن (لغة وأساليب) الأدب المكتوب (على المستوى الإنساني العام) لم تعد لغة مواكبة وأن العصر قد تجاوزها بأدواته وهمومه الجديدة وأن المواجهة بين الأدب وكل أساليبه التقليدية أصبحت في مأزق حقيقي لم تجد حلولاً له أمام الاجتياح المهول لوسائل التعبير الجديدة والناشئة بكل أدواتها التي ثبت أنها أكثر قدرة على التعبير عن مشاعر الإنسان بطريقة تجاوزت قدرة الكلمة المكتوبة بشكل تقليدي.. وأكثر سرعة في الوصول والتفاعل.. وأكثر استجابة لردود الفعل في أفق مفتوح على المستوى الإنساني الشامل وليس البلد الواحد ما يدور فيه من حوارات وما يشغله من هموم.
الأمر الذي يؤكد أن (الثقافة) بمفهومها التقليدي لم تعد مطروحة على (أجندة) الإنسان المعاصر..
وأن الأجيال الجديدة من الشباب كانت تعاني من وجود (قطيعة) بينها وبين كل معطيات (الأدب والثقافة العربية) التي ظلت لأكثر من خمسين عاماً تدور في فلك قضايا هامشية لا تتصل بالشباب وهموم الشباب وأن الانفتاح على (اللغات العالمية) فتح للشباب آفاقاً إنسانية جديدة.. وجد أنها أكثر قدرة على الاستجابة لكل همومه وأحلامه وهواجسه.. وكلنا نعرف أنه لا يوجد كاتب عربي يبيع من كتابه المطبوع أكثر من ألف نسخة خلال عدة أعوام.. وهنا أجد أنني أحمل هم الوزارة الجديدة في مواجهة (أرتال) الكتب التي تملأ المستودعات والتي كانت وزارة الثقافة والإعلام تشتريها من الكتاب (دعماً وتشجيعاً) لا أكثر.
إن الثقافة في المملكة بمفهومها التقليدي السائد الآن لا تصلح لأن تكون القاعدة التي تبني عليها وزارة للثقافة يختلط فيها (الحابل بالنابل) كما تقول هذه العبارة الغربية التي أرددها دون أن أفهم معناها.. وإن كنت استخدمها للقول بفوضى وتعاسة الثقافة السائدة لا أريد أن أعدد المجالات الجديدة التي تدركها القيادة الجديدة. لكني أعتقد أن وزارة الثقافة في أمس الحاجة لأن تدار بكوادر جديدة وشابة منفتحة على الآفاق الرحبة للثقافة الإنسانية التي أخذت تدور في أفلاك غيرت المفهوم التقليدي للثقافة وجعلته يأخذ بعين الاعتبار كل الأفكار التي استلهمتها أحلام الشباب وطموحاتهم ومرتكزاتهم التي ترى بعين جديدة.. كل ما يهجس به عصر جديد.