عبدالله العمري
أجمعت آراء الشارع الرياضي السعودي على صحة قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم بإجراء تعديلات عديدة على عدد من لوائح الاحتراف الخاصة بعقود اللاعبين المحليين، واعتبره البعض قراراً تاريخياً سيصب في مصلحة الكرة السعودية مستقبلاً. وأعتقد أن القرار مهم جداً في هذا التوقيت لأسباب عديدة من أبرزها أنه سيسهم في رفع مستوى التنافس بين اللاعبين من أجل أن يكون ضمن الفئة A التي ستحصل على أعلى سقف بالنسبة للعقود الاحترافية، كما أنه جاء لإنقاذ الأندية السعودية من الهدر المالي الذي تشهده خزائنها وهو الهدر الذي قاد كثيراً من أنديتنا إلى مرحلة الإفلاس بسبب طمع وشجع بعض اللاعبين السعوديين الذين أرهقوا الأندية كثيراً بمطالبهم المادية المبالغ فيها التي لا توازي ما يقدمونه من عطاء فني داخل المستطيل الأخضر، فاللاعب السعودي تراجع عطاؤه الفني كثيراً، بدليل أن منتخبنا الوطني منذ سنوات لم يعد مقنعاً فنياً في كثير من البطولات التي شاركنا بها، وأنديتنا كذلك أصبحت اليوم غائبة عن لقب دوري أبطال آسيا وهي البطولة المحك لأي نادٍ قوي ويملك لاعبين محترفين مميزين ويطبقون الاحتراف بمعنى الكلمة داخل وخارج الملعب وليس احترافاً على الورق فقط.
مضى على تطبيق نظام الاحتراف في أنديتنا أكثر من 27 عاماً تقريباً، إلا أن عقلية اللاعب السعودي ما زالت تسير بنفس عقلية اللاعب الهاوي غير القادر على تطوير نفسه والركض فقط خلف أعلى عرض مادي سيصله، وأصبح محترفاً جداً في كيفية الحصول على أكبر عائد مادي من عقده دون أن يقدم أي مردود فني أو بصمة تذكر لفريقه، والدلائل والشواهد على ذلك كثيرة! اللاعب السعودي اليوم أصبح أسيراً للعرض المادي الأعلى فقط دون أي طموح يذكر.
نعم من أي حقه كلاعب أن يؤمن مستقبله ومستقبل أبنائه، لكن ليس بهذه الطريقة والعقلية، أمن مستقبلك لكن قدم مردوداً فنياً وروحاً قتالية توازي قيمة عقدك الاحترافي الكبير الذي تتسلّمه من خزينة النادي، لعل مشاركتنا في مونديال روسيا 2018 التي كانت دون الطموح المأمول، كشفت كثيراً من واقعنا الرياضي السيء الذي يحتاج لعمل وجهد كبيرين إذا كنا نبحث عن التقدم والتطور مثل بقية المنتخبات.
كرة القدم أصبحت صناعة ولا تعتمد على الموهبة فقط، نحتاج إلى عمل كبير نستطيع من خلاله تطوير الأندية وإعادة الجماهير للمدرجات، وإلى تسويق ننجح فيه بتدفق الاستثمارات على خزائن الأندية.
وهذا الأمر لن يحدث إلا عندما نفكر بطريق واحدة وهي مصلحة رياضة الوطن، بعيداً عن ألوان الأندية وتعصب مشجعيها الذي سئمنا منه كثيراً.