د. أحمد الفراج
يجمع كل المعلقين على أن لدى حمد بن خليفة موقفًا من المملكة، فمشكلة هذا الرجل، الذي ارتكب والده خطأ جسيمًا حينما وثق به، هي أن لديه عقدة كبيرة، اسمها المملكة العربية السعودية، أو بالأصح عُقَد كثيرة، فهناك عقدة الجغرافيا، حيث إن مساحة قطر تعادل مساحة أصغر مدينة سعودية في أصغر منطقة، ولو كان حمد يفقه، لما جعل ذلك قضية كبرى، فحجم الدولة الصغير ليس عيبًا، وهناك دول هامة، لم يمنعها حجمها الصغير من أن تكون ذات شأن، مثل دولة ايسلندا، على سبيل المثال، ولكن ليس باستطاعة سياسي محدود الإدراك أن يعرف ذلك، وكذلك عانى حمد من أهمية المملكة إقليميا ودوليًا، ولم يكن هيّنا عليه أن يتحمل ذلك، ولا ننسى الشرعية، فحمد حاول لسنوات، أي منذ انقلابه على والده، أن ينتحل شرعية المملكة الدينية، وكان ذلك بشكل مكشوف، لا يليق بعمدة حارة شعبية، ناهيك عن دولة ذات سيادة.
كان بإمكان حمد أن يبني قطر، بالشراكة مع الحلفاء، وتبقى قطر في حجمها الطبيعي، وهذا لا يضيرها، ولكنه قرر أن يكون السوبرمان، الذي يقفز فوق حقائق التاريخ والجغرافيا، ومثل هذا السلوك البهلواني المرتبك قد ينجح لبعض الوقت، ولكنه لا يمكن أن يستمر، لأنه لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، ولأجل هذا السلوك البهلواني، أصبحت قطر حمد تسير بلا استراتيجية، فاستراتيجيتها هي السياسات المتناقضة، والتحالف مع الشيطان، ووكالة حصرية من كل أحد، لنشر الفوضى، وإثارة القلاقل، ونشر الفرقعات الإعلامية، ولا يمكن لأعتى المعلقين، ولا للمهتمين بفلسفة التاريخ، أن يفهموا أي سلوك قطري، فالدولة التي ترتبط بعلاقة وثيقة مع إسرائيل، لدرجة أن حمد بن جاسم يقضي إجازاته في شواطئها، هي ذات الدولة، التي تستضيف عتاة المتشددين، الذين يؤمنون بضرورة قتال اليهود!
كانت المملكة دوما حاضرة في ذهن حمد، فلا يهمه أن ينجز شيئًا لشعب قطر، بقدر ما يهمه تنفيذ ما يعتقد أنه يغيض المملكة، فإذا كانت شرعية المملكة الأولى دينية، فلا بأس من بناء جامع ضخم باسم الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وكأن بناء هذا المسجد سينزع شرعية المملكة ويمنحها لقطر!، وهي فكرة طفولية ساذجة، لا يقدم عليها شاب مراهق، وفي ذات السياق، أسس حمد هيئة علماء المسلمين، التي يقوم عليها أحد أهم أركان إمارة حمد، أي مفتي الانتحاريين وحلف الناتو، يوسف القرضاوي، وذلك ظنا منه أنها ستكون موازية لهيئة كبار العلماء في السعودية، فعقدة المملكة تلازم حمد، وتفقده صوابه، أما تسمية طائرته الخاصة باسم مدينة سعودية، فهذه حكاية طريفة، ولك أن تتخيل ردة فعل العالم، لو سمى الأمريكيون طائرة الرئيس الأمريكي «باريس»!، كمناكفة لدولة فرنسا، وسنواصل الحديث عن عقدة حمد من المملكة العربية السعودية.