الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
المتأمل في مسيرة الاقتصاد الإسلامي خلال الفترة الأخيرة أنه قد حقق الكثير من المنجزات على المستوى العلمي والمهني والمؤسساتي؛ولكن تلك المنجزات لا يعرفها إلا المحيطون بالعمل.
ويبقى التساؤل حول واقع الإعلام في حقل الاقتصاد الإسلامي؟ وهل تحظى منجزاته بالتسويق الذي تستحقه وتتطلبه الميادين، هذا ما طرحناه على عدد من المتخصصين في الاقتصاد الإسلامي والإعلامي لنتعرف عن قرب حول غياب الإعلام عن تلك المنجزات، وكيفية معالجة الفجوة بينهما.
تحدي النجاح
بداية تقول الدكتورة نوف بنت عبدالعزيز الغامدي -الخبيرة والمستشارة الاقتصادية: الاقتصاد الإسلامي من القطاعات التي تنمو بشكل سريع من 10-15وله دور كبير في استدامة الاقتصاد وهو لا يغطي القاعدة الاستهلاكية المسلمة فقط بل له قبول على مستوى العالم من مختلف الثقافات والديانات، وأن الاقتصاد الإسلامي كعلم ونظام اقتصادي، وكذلك البنوك الإسلامية، واجها الكثير من تحديات البقاء والاستمرار، ثم التحدي الأكبر، وهو تحدي النجاح، ومما أسهم كذلك في الترويج لأخطاء بشأن الاقتصاد الإسلامي والبنوك الإسلامية، ما قدمه أصحاب الفكر والتجربة أنفسهم، حيث استعجلوا في طرح ما لديهم من مفاهيم وأفكار وتجارب تاريخية، تدلل على حيوية الاقتصاد الإسلامي، وثراء فقه المعاملات، واستيعابه مستجدات العصر، فقدموا ما لديهم في الصورة نفسها التي كتب بها فقهاؤنا الأكارم في عصور ماضية، وبالمصطلحات الفقهية نفسها، دون تطويع لمتطلبات العصر، يضاف إلى ذلك تأخر المشتغلين بالفقه في الاجتهاد بشأن معاملات العصر الاقتصادية، وانشغال معظم دارسي الاقتصاد الإسلامي بالتأصيل لما تطرحه النظم الاقتصادية الأخرى، ونسوا أن لدينا ما نقدمه في ثوب يتسم بالذاتية والاستقلالية.
إن التجديد في الفكر الاقتصادي الإسلامي يجب أن ينظر إليه ليس في ضوء ما أنجز فقط، إنما في ضوء اعتبارات أخرى منها أن العلم تراكمي، والمستجدات الاقتصادية مستمرة ومتلاحقة، وأن التحدي أمام الفكر الإسلامي بشكل عام كبير، وهذا يتطلب إلقاء نظرة تقويمية على واقع الفكر الاقتصادي الإسلامي.
لقد تميز الفكر الاقتصادي الإسلامي في مفهومه بالاستناد إلى الإسلام الذي له نظرة متميزة للحياة والمال قائمة على الإيمان بالله عز وجل، والأخوة بين البشر، والمساءلة أمام الله سبحانه دنيا وآخرة مع الالتزام بالأخلاق الإسلامية وتحقيق مقاصد الشريعة، وأن علماء المسلمين الأقدمين سبقوا الفكر الغربي في إنجاز العديد من المؤلفات التي تتناول الفكر الاقتصادي الإسلامي، أيضاً ضرورة وجود الفكر الاقتصادي الإسلامي في العصر الحاضر لما ثبت من قصور الفكر الاقتصادي الغربي وما أسفر عن تطبيقه من مشكلات حادة على المستوى الدولي، والتشكيك في المفاهيم والفروض التي يقوم عليها والمستمدة من نظرته للحياة التي تختلف عن النظرة الإسلامية سواء في تكريسها الأنانية المفرطة وإهمالها الحاجات الروحية وبعدها عن الأخلاق وقصورها عن تحقيق التوازن بين مصلحة الفرد والجماعة.
إنجازات ملموسة
وتؤكد الدكتورة نوف الغامدي على أنه من الرغم من قصر المدة التي بدأ الفكر الاقتصادي الإسلامي الوجود فيها في العصر الحديث، إلا أنه حقق إنجازات ملموسة سواء في مجال التأصيل الإسلامي للاقتصاد أو التأريخ، أو في مجال القضايا والمشكلات الاقتصادية المعاصرة، ولم يقتصر نتاج الفكر الاقتصادي الإسلامي على كونه كما نظريا بل تم التأكد من صحته بالتطبيق في الواقع في صورة مساندة المؤسسات الاقتصادية والمالية الإسلامية المعاصرة، وتمثلت هذه المساندة في وضع أسس إنشائها وإدارتها وحل المشكلات التي تواجهها وتقويمها، ومن جانب آخر فإنه نشطت في الوقت الحاضر عدة مؤسسات علمية وبحثية في مجال الاقتصاد الإسلامي وإنشاء أقسام ودبلومات ومعاهد مخصصة له إنجاز العديد من الرسائل العلمية والبحوث.
ولا يمكن القول إن الفكر الاقتصادي الإسلامي قد حقق كل المطلوب منه حيث توجد بعض السلبيات فيما أنجز، وبعض الآمال التي يقصر عن تلبيتها والتي تتطلب وجود منهج متميز له حتى لا يظل أسيرا وتابعا للفكر الغربي، وبينا ملامح هذا المنهج سواء من حيث مرتكزاته وأهدافه ومعاييره وخطواته، ثم إعادة صياغة المفاهيم والفرضيات الاقتصادية من منظور إسلامي والتوجه نحو المشكلات الاقتصادية التي تواجه العالم الإسلامي وتقديم الحلول لها حتى لا يظل الفكر الاقتصادي الإسلامي يدور في نطاق المثالية بعيدا عن واقع الناس.
إن الاقتصاد الإسلامي يعظم دور الملكية الخاصة بالمجتمع وكذلك يحمي الملكية العامة، بحيث لايتغول أحدهما على الآخر ليكون بذلك اللبنة الأولى في تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتمع المسلم. وبناء على ما تقدم فإن دور الاقتصاد الإسلامي لايقتصر فقط على جانب واحد من نواحي الحياة، بل يشمل جميع النواحي، حيث إن الاقتصاد الإسلامي يحث ويشجع على إحياء الأرض الموات، وذلك لحث الشباب على البذل والعطاء، وهذا لايتأتى إلا من خلال وسائل الإعلام التي تحتاج إلى تجسير الفجوة بينها وبين الواقع الحقيقي واحتياجاته.
ووسائل الإعلام لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى إقبال على الأنشطة التجارية الحلال، والبعد عن الغبن في التجارة، وبيع العينة، وغيرها من البيوع الفاسدة، كذلك فإن التأثير الأكثر إيجابية هو الحث على الاستثمارات الحلال والبراعة في التسويق لها عبر وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية، ولابد من وسائل الإعلام أن تقوم بدور جيد ومتعاظم نحو حث الأفراد والمجتمع على السواء لتطبيق الاقتصاد الإسلامي، وذلك من خلال التعريف على وسائل التمويل الإسلامي المختلفة، وكذلك التعريف ببساطة على معنى المضاربة والمتاجرة والمرابحة والمشاركة، وكذلك ترسيخ مفاهيم فقه البيوع من إجارة وبيع السلم وغيرها.
وكذلك فإن الإعلام لابد أن يؤكد أهمية خلق الاستثمارات بما لايتنافى مع صحيح الشريعة، وكذلك ضخ رؤوس أموال أجنبية ولكن مع تجنب التبعية بكافة أنواعها. لذا على وسائل الإعلام أن تؤكد ضرورة، تطبيق الاقتصاد الإسلامي إذا كان ولايزال ضرورة، إلا أنه أثبت جدارته في تحقيق الصمود أمام الأزمة الاقتصادية العالمية.
وينبغي الاعتراف بأن الإعلامي الإسلامي يفتقد إلى مسألة الاحترافية التي تعني أنه خريج من كليات الإعلام ، وإن كان هناك كثير من المتميزين الإعلاميين وصلوا إلى درجة النجومية دون دراسة أكاديمية ، لكن هذا لم يمنع من دخولهم في دورات متطورة لدى مؤسساتهم الإعلامية، أو اكتسبوا من خبراتها وهو ما يفتقده الإعلام الإسلامي في مؤسساته.
فالمؤسسات الإسلامية الإعلامية لا تلتفت إلى ترقية وتطوير عمل مراسليها وموظفيها وتبخل عليهم في إقامة دورات تدريبية، وهو ما يدفع الكثير من الصحافيين الإسلاميين المتميزين التوجه إلى قنوات لامعة بعد أن قضوا جزءاً من حياتهم وهم يشتغلون في مؤسسات إعلامية إسلامية، وحالما لاحت لهم الفرصة تخلوا عن هذه المؤسسات الرتيبة التي لاترقي من مستواها ، فضلاً أن تساعدهم على الوصول إلى عالم النجومية وبث أفكارهم ومبادئهم إلى شريحة شعبية أوسع.
وهنا تكمن بنظري إشكالية مهمة تتلخص في عدم خروج الإعلام الإسلامي من دائرة تقبل الزكاة والصدقات والتبرعات إلى دائرة جذب الإعلانات وهو لا يتأتى إلاّ بعد أن يتأكد التاجر ورجل الأعمال بأن المستقبل يثق بهذه الوسيلة الإعلامية ويمحضها احتراماً وتقديراً، أن هناك توجها نحو التركيز على إصدار الصكوك الإسلامية بدلا من السندات، بل إن الصكوك الإسلامية تتميز بقدرتها التسويقية الذاتية في السوق الأولية، وهو أمر ملاحظ، ليس في السوق السعودية فحسب، بل في الأسواق الخليجية الأخرى وبعض الأسواق العالمية، كما أن المصرفية الإسلامية وصلت إلى مرحلة متقدمة في الجانب التسويقي، إلا أنها في حاجة إلى التطوير بما يكفل لها السيطرة الكلية على السوق، على أساس أننا نتحدث عن أسواق إسلامية يفترض أن تلتزم كليا بتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة.
الإعلام والتسويق
ويتساءل د. عبد القيوم بن عبد العزيز الهندي عضو هيئة التدريس، قسم الاقتصاد الإسلامي، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة عن ماهو المقصود بمنجزات الاقتصاد الإسلامي؟ وما واقع الإعلام في هذا الحقل؟ وما الذي يترتب على ضعف الاهتمام بالإعلام والتسويق؟ وكيف تعالج الفجوة؟ ويجيب بأن المراد بمنجزات الاقتصاد الإسلامي هنا، مجموع نتاج الأفراد والمؤسسات، تأتي المنجزات في صورة مقال وكتاب وبحث ورسالة علمية، وتأتي في صورة منتج أو فكرة أو نظرية معدة للتطبيق، كما تأتي في صورة محفل علمي، وفي صورة مؤسسة وهيئة ومركز وقسم وكلية وجامعة. وعلى الإجمال فإن كل خطوة خطاها حقل «الاقتصاد الإسلامي» إلى الأمام، منذ أن بدأ استعمال هذا المصطلح وحتى اليوم فهو منجز لهذا الحقل، مؤكداً أن مسيرة الاقتصاد الإسلامي خلال 5 عقود خلت، قد حققت الكثير من المنجزات على المستوى العلمي والمهني والمؤسساتي. عشرات الأقسام والكليات العلمية والمراكز البحثية، مئات المؤسسات المهنية والتطبيقية، آلاف المؤتمرات، والمؤلفات والبحوث والرسائل، وعشرات الآلاف من المقالات، وأكثر، وإن هذا الرصيد من المنجزات والمنتجات النهائية، تطلب إعداده، جهوداً متقدمة ومتراكمة، وفي سبيل تحقيقها أعمار فنيت، وأموال طائلة أنفقت. غير أن هناك حلقة مفقودة، تتمثل في غياب آليات التسويق المؤسسي والمهني لمجموع هذه المنجزات؛ مما يفوت فرص الإفادة منها على نحو أمثل تارة، وعدم الإفادة منها نهائياً في تارات أخرى. ومما يعني إعادة اختراع العجلة في أحيان، وتبديد الجهود والأعمار والأموال في أحيان أخرى.
وإن احتضان حقول الاقتصاد الإسلامي لأجيال متجددة من الباحثين والعاملين والدارسين على نحو دوري؛ مما يؤكد أهمية تسويق المنجزات السابقة؛ لتعمل الأجيال الجديدة على استيعاب ما سبق، والانطلاق منها إلى الأمام. ومن هنا نوصي الأفراد والمؤسسات ذات العلاقة بالاقتصاد الإسلامي؛ للإيمان بأهمية وضرورة التسويق أولاً، والسعي لإشاعة ثقافته في الأوساط المعنية ثانياً، والمبادرة في أخذ خطوات عملية ورسم خطط تنفيذية ثالثاً؛ لتسويق مجموع النتاج السابق ليكون الوصول إليه والتعرف عليه والإفادة منه متاحاً لكل مهتم، وعبر أحدث وأيسر الوسائل، وما أكثرها اليوم.
الاقتصاد والإعلام اليوم
ويذكر الدكتور سليمان بن صالح الطفيل الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين بوزارة المالية سابقاً أن الاقتصاد الإسلامي هو جزء من الشريعة الإسلامية التي جاءت للعالمين بشيرا ونذيرا وهاديا إلى الله وصراطا مستقيما، وهي شريعة ربانية لا تحدها حدود ولا تقف أمامها قيود، ولهذا فإن الإعلام سيظل جزءا مكملا لنشر الإسلام ومستمدا منه ، أما الإسلام فهو ماض إلى ماقدره رب العالمين على هذه الأرض إلا أن الدور الإعلامي في نشر الاقتصاد الإسلامي يعد ضرورة عصرية لتعريف الدول والمجتمعات بأفضلية الإسلام في الحياة، والحاجة ولا ريب مهمة للالتفات إلى هذه الوسيلة بدعمها وتأسيس مراكز لها في عدد من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية لإظهار الجهود والممارسات العلمية والمهنية والمنجزات التي تتحقق كل يوم في تطور الاقتصاد الإسلامي الذي يجب أن يتحول من التنظير إلى التطبيق للإسراع في تحقيق أعلى المكاسب والانتشار في ظل الظروف الاقتصادية والمالية العالمية، خاصة إذا ما عرفنا أن هناك مئات من علماء الاقتصاد الإسلامي وخبرائه الذين يجب أن تظهر علومهم وجهودهم العلمية والمهنية في عالم الاقتصاد اليوم. كما أن هناك العديد من مؤسسات الاقتصاد الإسلامي المتمثّلة في المجالس واللجان والمراكز الاقتصادية والمالية المتخصصة أصبحت تقدم معايير مالية ومحاسبية دولية لتطوير العمل المالي الإسلامي وتقدم حلولا وبرامج لأصعب المشكلات المالية العالمية.
لهذا فإن الدور المأمول من الحكومات والمنظمات الإسلامية والجهات ذات العلاقة بممارسات وتطبيقات الاقتصاد الإسلامي عليها مسئولية نشر ما تقوم به من أعمال ومنجزات عبر وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.. الحقبة التاريخية التي يعيشها إعلام الاقتصاد الإسلامي تكاد تكون في أضعف مراحلها للأسف مع ما نجد من توسع وتمدد تطبيقات الأفكار الرأسمالية والشيوعية والمختلطة.
هناك منجزات كبيرة للاقتصاد الإسلامي قفزت بالاقتصاد العالمي وحسنت من صورته ولم نر إعلاما موازيا لتلك المنجزات من أهمها برامج التمويل والاستثمار القائمة على التحوط والمعايير الشرعية القائمة على الاجتهادات الشرعية والعلمية ساهمت في بلورة العديد من المعايير الدولية للمراجعة والرقابة المالية والتمويل.
كما ساهم الاقتصاد الإسلامي في بناء نماذج وقفية معاصرة للاستثمار ومشاريع الاستدامة والتنمية المجتمعية ومازالت تلقى مزيدا من البحث والتطوير لضخ مزيد من الاستمارات التي تصب في تنمية المجتمعات في قطاعات عدة كالتعليم والصحة والبنية التحتية والتقنية والصناعة والزراعة والمياه إلى جانب التنمية الثقافية والسياحية للمجتمعات وتقاربها.
خمس جدليات
ويقر د. عبد الله بن ناصر الحمود أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأن هناك عدداً من الجدليات حول تلك القضية المطروحة فهناك جدلية تطال الإعلام المتخصص كافة عندنا. فليس للإعلام المتخصص نصيب من المهنية أبدا، باستثناء الإعلام الرياضي. وضعف حال الإعلام المتخصص عائد إلى أمرين أولهما النقص الحاد في تشريعات البيئة الإعلامية وعدم اعتبار الإعلام ميدانا ذا حرمة، وتخصصاته مجالات لها حدود واشتراطات، وذلك بالقدر الذي بات الإعلام معه في حالات كثيرة مهنة من لا مهنة له، وكذلك شيوع ثقافة السوق في كثير من الفعل الإعلامي، واعتماد العمل الإعلامي على معايير الربح والخسارة الآنية اللحظية نتيجة فقد المساءلة القانونية لتداخل اختصاصات الإعلاميين والمنتجات الإعلامية.
وبالتالي، تكتفي وسائل الإعلام غالبا بمحررين ومعدين مشاعين في كافة فنون العمل الإعلامي الذي يقومون به. وعليه، فليس مستغرباً أن نجد محرراً أو مراسلاً أو معداً ينجز مهمات إعلامية متباينة التخصصات والاشتراطات وهو ربما لا يجيد أيًّا منها أو في أفضل الحالات يجيد مجالا واحدا فقط، ومن الجدليات الضعف العام في مؤسسات المجتمع كافة تجاه وظيفتها الإعلامية المتخصصة. ومن ذلك المؤسسات الاقتصادية ومنها مؤسسات الاقتصاد الإسلامي. فيبدو أن الجدليتين الأولى والثانية قد ألقتا بظلالهما على المؤسسات حتى توانت هي الأخرى في إيجاد منتج إعلامي متخصص يخدم مجالها ووظيفتها، وتردت نظرتها لأهمية تأهيل إعلامييها والإنفاق عليهم، فبقيت تلك المؤسسات دون أن تمتلك قدرة الفعل الإعلامي المؤثر والفاعل، وهناك جدلية الجمهور الذي تعود على التيه في الإعلام المتخصص وراح يحدد خياراته في الأخبار والترفيه فقط. ولم يعد يصل إليه غير ذلك لأنه حسم أمره نتيجة الضعف الحاد في الإعلامات المتخصصة من هنا، ليس فقط إعلام الاقتصاد الإسلامي يواجه مشكلة، ولكن أيضا كل إعلاماتنا المتخصصة، أما الجدلية الخامسة والأخيرة فهي خاصة بالاقتصاد الإسلامي ومؤسساته بشكل مباشر، وخلاصتها أن تلك المؤسسات لا تعمل في بيئة نظيفة، بمعنى أنه يزاحمها العديد من الدخلاء والمرتزقة باسم الإسلام والمحتالون والدجالون، وقد أوجدت هذه البيئة ردود فعل سلبية لدى جمهور وسائل الإعلام نحو كل من يصفون عملهم بالإسلامي حتى يتبينون الأمر عن يقين.
تعتيم إعلامي
ويؤكد الأستاذ سعود الثبيتي رئيس تحرير صحيفة غرب الأخبار الإلكترونية أنه أصبح للإعلام أثره الكبير والفاعل الذي يمكن أن يسهم به في تنشيط المشروعات الإسلامية وغيرها وتفعيلها، لكن للأسف الاقتصاد الإسلامي يتعرض لتعتيم إعلامي أسهم في انحساره وقصوره. ولا أعلم هل لأننا لا نتبنى تلك المشروعات خارج إطار مجتمعنا وفي مجتمعات غير إسلامية؟ أم أن المعنيين هم المقصرين في إبراز تلك المنجزات أن وجدت. وهنا رؤيتي كإعلامي أرى أن القصور من الاقتصاديين أنفسهم وانحصارهم الملحوظ غيب عنهم الإعلام. وهنا أقول لهم أن مشاركة الإعلام ضروري ومساهمته في دفع عجلة الاقتصاد الإسلامي بل هو عامل أساسي.