د. أحمد الفراج
كان حمد بن خليفة يعلم أنه لا يمكن أن تكون له سلطة سياسية معتبرة، وشعبية كبيرة، في ظل وجود الجار الأكبر، المملكة العربية السعودية، ذات التأثير الكبير، في المحيط العربي والإسلامي، والثقل المعتبر، على المستوى الإقليمي والدولي، ولذا جعل همه مناكفتها، وتعرفون حكاية مخططاته لإسقاطها، التي كشفت عنها محادثات الحمدين مع القذافي، الذي تعاون مع الحمدين، ثم تآمرا عليه لاحقا!، ولأن حمد يعلم أنه لا سبيل له للإضرار بالمملكة بطريقة مباشرة، نظرًا للفارق المهول بين البلدين لصالح المملكة، فقد استخدم القوة الناعمة، أي أقطاب الإسلام السياسي السعوديين، وتحديدًا الإخوان والسروريين، بحكم أن الحزبين ليس لديهم ولاء لأوطانهم، فولاؤهم للحزب وللأمة، ولعل أهداف حمد توافقت مع الأهداف الثورية لهؤلاء، ثم بدأت المؤامرة.
تمكن حمد من شراء ذمم إخوان المملكة، حتى أصبحوا يسبحون بحمده، وتطور الأمر مع الزمن، حتى أصبحت الدوحة مزارًا لهؤلاء، يحجّون إليها في رحلات متتابعة لا تتوقف، وكانوا يتفاخرون بنشر نشاطاتهم في قطر، ونشر صورهم مع حمد وأبنائه، ولا يمكن أن أنسى تلك المناسبة، وكانت في غرة رمضان، عندما استضاف حمد معظم قيادات إخوان المملكة في قصره، في لقاء حميمي، جمع أقطاب الإسلام السياسي من كل مكان، ثم نشرت الصور، التي تعج باللقطات الباسمة، وكان الطريف هو نشر هؤلاء لوقائع ذلك اللقاء، الذي لم يكن يحمل صفة رسمية، بين رئيس دولة، ودعاة ووعاظ الإسلام السياسي من دولة أخرى!، ولا شك أن أولئك الوعاظ كانوا يعلمون كل شيء عن قطر، ويسكنون في فنادقها، ويتابعون أخبار نشاطاتها الترفيهية، ولكن هذا لا يمنعهم أبدًا من الإشادة بها، وبأميرها الذي قيضّه الله لنصرة الإسلام.
أذكر أننا كنا نتعجب أشد العجب من جرأة هؤلاء الحزبيين السعوديين، ومن حجم التسامح معهم، فقد مر زمن كانوا يسرحون ويمرحون، في رحلات مكوكية لقطر، منها ما يطول، ويتخلله الإقامة في نزل فاخرة، وتوفير كافة الخدمات، من سيارات وخلافها، ومنها زيارة اليوم الواحد، لتنفيذ مهمات سريعة، أو أخذ توجيهات عاجلة، وكان هؤلاء بدورهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لقطر، والمدح المبالغ فيه لها ولأميرها، والتغطية وخلق الأعذار، عندما يتم الحديث عن علاقتها القوية بإسرائيل، وزيارات شخصيات إسرائيلية بارزة لها، حتى ولو كان الزائر شمعون بيريز، وبلغ الأمر درجة تدبيج قصائد المديح بقطر وأميرها، وكتابة المقالات، ونشر المقاطع الصوتية، دون خوف أو وجل، ثم استمرأ حمد ما توهم أنه نجاح لقوته الناعمة داخل السعودية، فتطورت عمليات الاستقطاب كمًّا ونوعًا، وللحديث صلة!