د. ماجد الصانع
انتقلت الجامعات والكليات الأهلية من مرحلة البدايات إلى مرحلة جديدة تنافسية مع الجامعات الحكومية، في جودة التعليم والمخرجات، رغم الفارق الكبير في الميزانيات والعمر الزمني، ورغم حداثة نشأة الجامعات والكليات الأهلية.
إلا أنَّ بعض الكليات والجامعات الأهلية قدمت نفسها بقوة، وذلك عبر إطلاق برامج وخطط دراسية، وبنى تحتية متميزة، ومرونة كبيرة تتواكب مع العصر؛ لسد الفجوة والطلب في سوق العمل، حيث حصلت (7) جامعات وكليات على الاعتماد المؤسسي الكامل، مقابل (8) جامعات حكومية، مع فارق عدد الجامعات الحكومية الأكبر، بينما حصلت (4) جامعات وكليات أهلية على الاعتماد البرامجي، وفي المقابل حصلت (8) جامعات حكومية فقط على الاعتماد البرامجي، وهذا يعتبر تطوراً كبيراً جداً لصالح قطاع التعليم العالي الأهلي.
الكليات الأهلية تركز على الاحتياج الحقيقي للتخصصات المطلوبة، وفق دراسات الجدوى الاقتصادية بعكس بعض الجامعات الحكومية، التي في الغالب لا تقوم بدراسة دقيقة لسوق العمل، ولا تقدير حجم الطلب المستقبلي لتخصصات معينة.
من المفهوم أنَّه يجب الاستمرار في إتاحة القبول لبعض العلوم الأساسية، ولكن يفترض أن لا تقوم بهذا الدور جميع الجامعات الحكومية، والنتيجة وفر كبير جداً في الخريجين من تخصصات معينة، دون وجود طلب مناسب، وبالتالي المساهمة في زيادة نسبة البطالة.
وعلى صعيدٍ آخر ؛ من المفترض أن تُمنح الكليات الأهلية مساحة من الاستقلالية ؛ لإضافة تخصصات حديثة عالمية متنوعة، دون الاضطرار لعرض ذلك على الجامعات الحكومية لاعتمادها، فمن غير المنطق أنَّ بعض الجامعات لا تمتلك تلك الخطط الدراسية الحديثة، والتي تقوم في نفس الوقت بتقييم وتحكيم خطط وبرامج قد تكون مُعتمدة ومطّبقة في أعرق دول العالم.
الأرقام الحالية خير شاهد على قوة المخرجات في بعض الجامعات والكليات الأهلية، وعلى سبيل المثال قامت هيئة التخصصات الصحية، وهيئة المهندسين السعوديين بنشر تقارير رسمية ونتائج خاصة بنسب المجتازين من طلاب الكليات للاختبارات المهنية والتخصصية، وأشارت تلك التقارير إلى حصول بعض الكليات الأهلية على نسب اجتياز عالية، بل وتتفوق على الكثير من الجامعات الحكومية.
قطاع التعليم العالي الأهلي بات منافساً تجارياً مع الجامعات الحكومية ـ خصوصاً مع بدء تطبيق نظام الجامعات الحكومية الجديد، والمتوافق مع رؤية 2030 التعليمية ـ حيث ستعتمد الجامعات الحكومية بنسبة ما على التمويل الذاتي، وتحقيق أرباح لتغطية بعض من المصروفات ؛ فلذا فإنَّ جميع الجامعات الحكومية والأهلية يجب ـ من الآن وصاعداً ـ أن يتم التعامل معها بنفس الضوابط والآليات وتقديم ذات التسهيلات ؛ وذلك لخلق مناخ تنافسي ملائم وعادل.
الجامعات والكليات الخاصة في معظم دول العالم تحظى بسمعة ممتازة، وتعتبر من الأفضل ؛ وذلك بسبب ديناميكية الإدارة ومواءمتها لسوق العمل والمتغيرات الاقتصادية ؛ فلذلك يجب أن تتغير النظرة الحالية تجاه الجامعات والكليات الأهلية، حيث أصبح قطاع التعليم العالي الأهلي يدرك ضرورة الموازنة بين التعليم والربحية، وحتماً وفي ظل تطبيق الرؤية التعليمية الحديثة ؛ ولتحقيق متطلبات وزارة التعليم، وهيئة تقويم التعليم، فلن يبقى للمتعثرين من بعض الجامعات والكليات الأهلية في تطبيق المعايير المطلوبة أي أمل في البقاء دون تحسين ؛ فهم بين مطرقة وزارة التعليم وسندان التنافسية العالية.
وزارة التعليم تقوم بجهود جبارة في دعم هذا القطاع، وتوفير جميع التسهيلات اللازمة، وتفعيل الدور الإشرافي والرقابي؛ مما يسهم في رفع مستوى المسؤولية لتحقيق الجودة التعليمية المطلوبة. فقريباً وتدريجياً سيتم انسحاب القليل من الكليات الأهلية، التي لا تستطيع مواكبة متطلبات وزارة التعليم والاعتماد الأكاديمي، وستبقى الجامعات والكليات الأهلية المتميزة، والقادرة على المنافسة، والحاصلة على الاعتمادات الأكاديمية المطلوبة؛ لذلك يجب على الجامعات والكليات الأهلية المسارعة وتدارك الأمر، حيث سيكون شعار المرحلة المقبلة هو: «البقاء للأفضل».