«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
ضربتان في الرأس توجع.. هذه مقولة شائعة في مختلف دول العالم ولها دلالاتها ومعانيها القوية والمعبرة وحتى المؤلمة. ويوم أمس نشرت هذه «الجزيرة» خبراً محزناً عن إقدام طفلة في «المدينة» على الانتحار نتيجة لتأثرها بتلك اللعبة الخبيثة والمميتة «الحوت الأزرق» فقبل انتحار هذه الطفلة. سبقها الأسبوع الماضي طفل في الجنوب بالانتحار متأثراً أيضاً بهذه اللعبة الخبيثة والمؤثّرة في عقول كل من يمارسها خصوصاً الأطفال الصغار أو الناشئة. وهذه اللعبة التي باتت أخبارها المحزنة التي تتعلّق بانتحار من يتأثر بما فيها من توصيات ومؤثّرات وتحديات مختلفة ومن ضمنها الطلب من كل من يلعب بها أن يقوم بتركيب حبل مشنقه تأكيداً على قدراته في خوض غمار التحدي قبل الدخول أو الاستمرار في التفاصيل الجديدة أو القادمة والتي عادة ما تكون مشوقة ومثيرة بعدما استطاعت اللعبة أن تسلب قدرات من يلعب أو يشارك فيها. ومن هنا ومع تكرار حدوث وفيات انتحار في العديد من دول العالم. بات الحديث عن هذه اللعبة «الحوت الأزرق» هو الشغل الشاغل لأولياء الأمور. كونها لعبة تمارس في الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» والمؤسف أن ظاهرة انتحار هواة هذه اللعبة وكما أشارت إلى ذلك مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية، حيث شملت دولاً عربية الجزائر والمغرب والمملكة وفي مصر. فلقد سجلت في المغرب أول حالة انتحار لمراهق، أفرط في ممارسة لعبة الحوت الأزرق على الإنترنت. إلى أن فقد حياته، الضحية وهو تلميذ في الثانوية العامة، حيث ألقى بنفسه من سطح عمارة في مدينة أغادير. وفي الشقيقة مصر في أوائل شهر يناير الماضي 2018 أقدم عاطل على قتل والده بمنطقة إمبابة بالجيزة، وقال في التحقيقات إن المسؤولين عن لعبة الحوت الأزرق هم من طلبوا منه قتل أحد أقاربه وإنه قام باختيار والده بسبب كثرة المشكلات بينهما.
وهذه اللعبة الخبيئة بدأت «الحوت الأزرق» في روسيا عام 2013 مع «F57»، كواحدة مما يُسمى «مجموعة الموت» من داخل الشبكة الاجتماعية فكونتاكتى لمؤسسها فيليب بوديكين، وتسببت في أول واقعة انتحار في عام 2015. واتخذت اللعبة نطاقاً أوسع في عام 2016 بين المراهقين، بعد أن جذبت الصحافة الانتباه إليها من خلال مقالة ربطت العديد من ضحايا الانتحار بهذه اللعبة (لحوت الأزرق) لعبة الحوت الأزرق أو الـ blue whale هي تطبيق يُحمّل على أجهزة الهواتف الذكية وتتكون من 50 مهمة، تستهدف المراهقين بين 12 و16 عاماً، وبعد أن يقوم المراهق بالتسجيل لخوض التحدي، يُطلب منه نقش الرمز التالي «F57» أو رسم الحوت الأزرق على الذراع بأداة حادة، ومن ثم إرسال صورة للمسؤول للتأكد من أن الشخص قد دخل في اللعبة فعلاً. بعد ذلك يُعطى الشخص أمراً بالاستيقاظ في وقت مبكر جداً، عند 4.20 فجراً مثلاً، ليصل إليه مقطع فيديو مصحوب بموسيقى غريبة تضعه في حالة نفسية كئيبة. وتستمر المهمات التي تشمل مشاهدة أفلام رعب والصعود إلى سطح المنزل أو الجسر بهدف التغلب على الخوف. وفي منتصف المهمات، على الشخص محادثة أحد المسؤولين عن اللعبة لكسب الثقة والتحول إلى «حوت أزرق»، وبعد كسب الثقة يُطلب من الشخص ألا يكلم أحداً بعد ذلك. ويستمر في التسبب بجروح لنفسه مع مشاهدة أفلام الرعب، إلى أن يصل اليوم الخمسون الذي يُطلب فيه منه الانتحار إما بالقفز من النافذة أو الطعن بسكين. وخلق موجة من الذعر في روسيا، وبناءً على ذلك قامت السلطات الروسية بإلقاء القبض على «بوديكين» وأدين بـ»التحريض ودفع ما لا يقل عن 16 فتاة مراهقة للانتحار»، إلاَّ أن اللعبة ما زالت موجودة حتى الآن في أكثر من 50 بلداً. ولم يكد العالم ينتهي من تأثير لعبة «بوكيمون غو» الشهيرة وإدمانها من كثيرين، حتى ظهرت لعبة جديدة يبدو أنها تخطو خطى الأخيرة بدفع اللاعبين نحو الهلاك، ولكن هذه المرة المستهدفين هم الأطفال والمراهقون أساساً! وكان قد ضجّ العالم العربي بخبر انتحار طفلين في الجزائر بعد أيام من الإدمان على لعبة «الحوت الأزرق»، هذا الحيوان الذي من المفترض أن يكون حيواناً لطيفاً، تحول بفضل هذه اللعبة المحرّضة إلى وحش يودي بحياة العديد من المراهقين حول العالم انتحاراً.
وقبل هذه الحادثة في الجزائر تسببت هذه اللعبة كذلك بانتحار الطفلة أنجلينا دافيدوفا، 12 عاماً، من الطابق الرابع عشر بروسيا، والطفلة فيلينا بيفن، 15 عاماً، التي قفزت من الطابق الثالث عشر بمنزلها في أوكرانيا وتوفيت على الفور، كما توفيت طفلة سعودية، 12 عاماً، بسبب اللعبة نفسها. وتبعاً لذلك، سارع مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي للقيام بحملات افتراضية، من أجل تحذير الأولياء والأطفال من مخاطر هذه اللعبة ودعوتهم لمراقبة استخدام أبنائهم لشبكة الإنترنت..
وماذا بعد هناك دور كبير يقع على أفراد الأسرة وعلى الأخص الأب أو الأم أو حتى الأشقاء بالاهتمام بمتابعة ومراقبة ما يقوم به الأبناء والبنات من ممارسة لألعابهم الإلكترونية والتأكد من عدم دخولهم لعوالم ألعاب خطيرة ومؤثّرة تجعلهم رهن الإثارة المستمرة وبالتالي «الإدمان» الذي يقود إلى ما لا يحمد عقباه كما فعلت هذه اللعبة الخبيئة والمميتة. لذلك الرقابة الأسرية مطلوبة، بل مهمة جداً. حفاظاً على سلامة أولادنا وبناتنا.