رقية سليمان الهويريني
كانت الأسر النجدية في القرن الماضي تحذِّر أبناءها وتوصيهم ألا يخرجوا من المنزل في «القايلة»؛ وهي الفترة الممتدة من بعد صلاة الظهر وحتى أذان العصر! لأن الناس أثناءها يخلدون للراحة، وتتوقف الأعمال وتخلو الشوارع من المارة سوى أولئك الشباب المنفلت الذي يجوب الشوارع ويبحث عن ضحايا أبرياء لممارسة الرذيلة فيهم، وكأن هؤلاء الشباب «حمار القايلة» تلك الحشرة الوهمية!
حالياً، تحوّل الزمن وصار الأولاد لا يبرحون منازلهم، فلا يترصّد لهم حمار القايلة وإنما يحضر لهم في منازلهم من خلال الأجهزة الذكية والمواقع الإلكترونية وألعاب الفيديو! ولعل المدعو الشاب «طمبق» أحدهم، حيث دأب على اصطياد الأطفال واستغلالهم جنسياً من خلال الأحاديث المتبادلة معهم وعبر ألعاب الفيديو، مما دعا مغرِّدين لنشر مقاطع فيديو وتوثيق أحاديث الشاب مع الأطفال وإطلاق (هاش تاج) باسم المعتدي، للتحذير منه وللمطالبة بوضع حد للاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الإنترنت، وتبعه مطالب واسعة للقبض على «طمبق» وإنقاذ الأطفال من شره.
والسار في الأمر على الرغم من مرارة الحدث؛ هو إلقاء القبض على «طمبق» المتحرِّش بالأطفال وإيقافه وإحالته للنيابة العامة. أما المرارة فلا تنحصر في تحرُّش هذا العابث؛ وإنما تمتد لتصل إلى تخلي الأسرة عن دورها الرقابي نحو أطفالها ومسؤوليتها تجاههم لدرجة سهولة التحرُّش بهم، وإهمالها حيال تناثر الأجهزة الذكية بين أيديهم، وهو أمر أصبح في حكم المعتاد! وتجد من يحاجك بأن كل الأطفال يلعبون ويمرحون! حتى إن الأسرة تقذف الجهاز للطفل لكي يلهو بعيداً عنهم ولا يسبب لهم إزعاجاً! وهذا لا يعفي هيئة الاتصالات من مسؤوليتها بحجب الكلمات الشاذة والعبارات المسيئة والمقاطع الإباحية، وتقييد كل حساب -عبر الإنترنت- برقم الهوية الوطنية للحد من هذا العبث.
وإن كانت النيابة العامة قد قبضت على طمبق؛ فقد يظهر لنا أشباهه، فهل سُتنبه هذه الحادثة غفلة الوالدين؟ وهل سيستفيقون من سكرة الانشغال عن أبنائهم؟!