د.ثريا العريض
سعيدة أنا، كأي مواطن يهمه استقرار ونماء الوطن, بما أراه من مستجدات مبهجة. أتأمل حملات التشكيك الخارجية تحطمها على صخور الثقة الداخلية وأدعو الله أن نستمر في الإنجاز والبناء لتستمر المسيرة والتحول البناء.
وتستوقفني تساؤلات وتداعيات ذات صلة: هل مفهوم الأمن يعني انعدام التهديد من الخارج؟ أم مقاومة الهشاشة والاستعداد للتصدع والتفكك من الداخل؟ أم يتضاعف الخطر بوجودهما معا؟ سؤال مهم بناء عليه تتحدد الأولويات. شعبا مخلصًا وقيادة حكيمة واعية، علينا اتخاذ كل الإجراءات واستحداث كل ما يحارب مسببات الضعف في الشعور بالمواطنة وتخلخل الشعور بالانتماء. ومنها استيعاب الشباب والمرأة بالذات في خطط مقاومة الخطر والمساهمة في البناء.
متطلبات الحاضر ماديًا واقتصاديًا غير ما كان يكفي في الماضي، ونحن في حقبة التواصل التقني، لا يعتمد الأمن فقط على الأسوار وتأمين الحدود بقدر ما يعتمد على بناء رضا وانتماء وثقة وولاء المواطنين من الداخل. والمواطنات على رأسهم. لا يجب أن نهمش جوانب أوضاع المرأة ونحن نختار أولويات العمل لبناء دفاعات الوطن ضد محاولات التشكيك والتأليب والقلقلة. هشاشة بنية اللحمة الوطنية من الداخل تعالج بالقضاء على مسببات عدم الاستقرار الفردي، نفسيًا واقتصاديًا, عند أي من المواطنين -ونصفهم نساء- وبتوطيد الشعور بالفخر بالانتماء. ودور المرأة يكتمل بمشاركتها فعليا كطاقة مؤهلة, ونؤسس لذلك بفتح مجالات تدريب المرأة في مجالات جادة وتوفير فرص لعملها, بعد أن وفقنا في تغيير الإجراءات والقوانين لسهل عليها حركتها ونحررها من الاعتماد على غيرها ليوصلها لحيث تقضي حاجاتها. شعورها بالرضا والثقة بأن انتماءها يوفر لها ما تحتاجه لتحقيق قدراتها وطموحاتها ينعكس على قيامها بدورها في التنشئة الصحيحة لأبنائها وبناتها بزرع الانتماء فيهم منذ الطفولة, وتوضيح معنى ومسؤولية حب الوطن, وأهمية أمنه واستقراره, لضمان حاضر سعيد, ومستقبل يحتضن ويحمي ويحقق طموحاتهم في النجاح والسعادة وديمومة الاستقرار.
لا تستطيع إلا الأم التي تشعر بالرضى عن موقعها كمواطنة أن تغرس هذا الشعور في أطفالها إناثًا وذكورًا؛ ويرتقي هذا الوعي من النظرية إلى التجذر في شعور النشء إذا رأى بأم عينه أن الوطن يحمي ليس فقط حدود الأرض من الغزاة، بل حقوق كل فرد في المواطنة, فيساويهم في الفرص ويضمن لكل منهم الرعاية الصحية والمادية والتعلم والتدريب والعمل لبناء نفسه وتكوين أسرة, ويؤمن له القدرة على حماية أمنها داخل نسيج المجتمع.
الوطن يمر بمرحلة ضغوط سياسية وأمنية واقتصادية بدأ يشعر بها الأفراد ماديا وعاطفيا, وستتزايد الحاجة لمشاركة المرأة في تحمل المسؤولية.
ضمن توطين الطاقات العاملة، تفعيل المرأة بالتدريب وإتاحة الفرص والدعم الرسمي قانونيا وأمنيا ليس ترفا ولا شعارا للتجميل, بل ضرورة مصيرية فهن نصف المجتمع الذي يؤمّن استدامة ازدهار الشعور بالانتماء, وبالتالي استقرار الوطن أمام الاستجابة من الداخل لمحاولات التأليب والتخريب من الخارج.
نعم.. لا بد من بناء الرضا لتأكيد فعالية الحماية بين متطلبات الأمن الوطني.